فالأب أحقُّ به. وقال في رواية أبي طالب: والأب أحقُّ بالغلام إذا عَقَلَ واستغنى عن الأم.
وهذا يُشبه الذي نقله القاضي أبو يعلى والشاشي وغيرهما عن أبي حنيفة، قَال: إذا أكل وحدَه ولَبِسَ وحدَه وتوضَّأ وحدَه فالأب أحقُّ به. ونقلَ ابن المنذر أنه يُخيّر حينئذٍ بين أبويه عن أبي حنيفة وأبي ثور.
والأول هو مذهب أبي حنيفة الموجود في كتب أصحابه. وهو إحدى الروايتين عن مالك، فإنه نَقَلَ عنه ابنُ وهب: الأمُّ أحقُّ به حتَى يثْغِر. ولكن المشهور عنه: أن الأم أحقُّ به ما لم يبلُغ. وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد.
والرواية الثالثة عن أحمد أن الأم أحق بالغلام مطلقًا، كمذهب مالك. قال في رواية حنبل: في الرجل يطلِّق امرأتَه وله منها أولاد صغار، فالأمُّ أعطفُ عليهم مقدار ما يعقل الأدب، فيكون الأبُّ أحقَّ بهم ما لم تتزوَّج، فإذا تزوجت فالأب أحقُّ بولده غلافا كان أو جارية.
قال الشيخ أبو البركات (?): فهذه الرواية تدلُّ على أنه إذا كبر وصار يعقل الأدب فإنه يكون مقره أيضًا عند الأمّ، لكن في وقت الأدب -وهو النهار- يكون عند الأب.
وهذا مذهب مالك بعينه الذي حكيناه. فصار في المسألة ثلاث روايات. ومذهب مالك في "المدونة" (?) أن الأمَّ أحقُّ به ما لم يبلغ،