من الْقَرَائِن كَمَا سَيَجِيءُ، وَفسّر الشَّارِح ضمير أَفْرَاده بالأسد وَلَا معنى لَهُ (وَيعلم أَنه) أَي الْمُسْتَعْمل فِيهِ (إِنْسَان بِالْقَرِينَةِ لَا يصرف عَنهُ) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي قَوْله، وَكَون اسْتِعْمَاله إِلَى آخِره، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع للكون الْمَذْكُور، وَالْمَجْرُور للاستعمال فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب (إِلَى كَون الِاسْتِعْمَال فِي جُزْء مَفْهُومه) أَي مَفْهُوم الْأَمر وَهُوَ جَوَاز الْفِعْل: إِذْ فرق بَين أَن يكون الْمُسْتَعْمل فِيهِ فَردا من أَفْرَاد مَفْهُوم وَبَين أَن يكون عين ذَلِك الْمَفْهُوم (وَلَا) يصرف أَيْضا (كَون دلَالَته على مُجَرّد الْجُزْء) بِحَيْثُ لَا يتَعَدَّى إِلَى ماهو فَرد لَهُ عَن اسْتِعْمَاله فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب إِلَى اسْتِعْمَاله فِي جُزْء مَفْهُومه (بل هُوَ) أَي الْجُزْء الْمَذْكُور (لمُجَرّد تسويغ الِاسْتِعْمَال فِي تَمَامه) أَي تَمام الْمَعْنى الْمجَازِي الْمُسْتَعْمل فِيهِ: لِأَنَّهُ العلاقة بَينه وَبَين الْمَوْضُوع لَهُ، وَلَا ينافى دلَالَة اللَّفْظ بمعونة الْقَرِينَة على غير ذَلِك الْجُزْء أَيْضا، وَهَذِه إِشَارَة إِلَى مَا فِي التَّلْوِيح من منع كَون الْأَمر بِحَيْثُ لَا يدل إِلَّا على الطّلب (وَهُوَ) أَي الِاسْتِعْمَال فِي تَمام الْمَعْنى الْمجَازِي (منَاط المجازية دون الدّلَالَة لثبوتها) أَي الدّلَالَة (على) الْمَعْنى (الوضعي) أَي تَمام مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (مَعَ مجازيته) أَي مجازية اللَّفْظ وَكَونه مُسْتَعْملا فِي غير مَا وضع لَهُ، كَيفَ لَا يدل عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَاسِطَة فِي الِانْتِقَال إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي (كَمَا قدمنَا، والقرينة) إِنَّمَا هِيَ (للدلالة على أَن اللَّفْظ لم يرد بِهِ الْمَعْنى الوضعي) لَا للدلالة على الوضعي أَو جزئه (وَالْمرَاد بحيوان فِي قَوْلنَا: يكْتب حَيَوَان إِنْسَان اسْتِعْمَالا لاسم الْأَعَمّ فِي الْأَخَص بِقَرِينَة يكْتب) إِشَارَة إِلَى مَا فِي التَّلْوِيح من قَوْله: فَإِن قلت فعلى هَذَا لَا فرق بَين قَوْلنَا هَذَا الْأَمر للنَّدْب، وَقَوْلنَا هُوَ للْإِبَاحَة: إِذْ المُرَاد أَنه يسْتَعْمل فِي جَوَاز الْفِعْل مَعَ قرينَة دَالَّة على أَوْلَوِيَّة الْفِعْل، وَالْمرَاد بِكَوْنِهِ للْإِبَاحَة أَنه خَال عَن ذَلِك كَمَا إِذا قُلْنَا: يَرْمِي حَيَوَان، ويطير حَيَوَان، فَإِنَّهُ مَدْلُول اللَّفْظ إِلَّا أَن الأول مُسْتَعْمل فِي الْإِنْسَان، وَالثَّانِي فِي الطير انْتهى. (وَتقدم) فِي أَوَائِل الْكَلَام فِي الْأَمر (أَنه) اسْتِعْمَال الْأَعَمّ فِي الْأَخَص (حَقِيقَة) لِأَن الخصوصية لَيست مِمَّا اسْتعْمل فِيهِ اللَّفْظ: بل هِيَ مَدْلُول عَلَيْهَا بِالْقَرِينَةِ وَلَا يخفى أَنه إِذا كَانَ الْأَمر مُسْتَعْملا على هَذَا المنوال فِي الْإِبَاحَة وَالنَّدْب كَانَ بِهَذَا الِاعْتِبَار حَقِيقَة قَاصِرَة فيهمَا: فغاية مَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ أَنه خلاف مَا هُوَ الْوَاقِع بِحَسب الظَّاهِر الْمُتَبَادر وَهُوَ أَن اسْتِعْمَاله فيهمَا إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار خصوصيتهما لَا بِاعْتِبَار كَونهمَا فردين لجَوَاز الْفِعْل، والخصوصية تُوجد من الْقَرِينَة، وَصدر الشَّرِيعَة إِنَّمَا قصد نوع تَأْوِيل لكَلَام ذَلِك الْقَائِل إِلَّا أَن يَجعله مذهبا لنَفسِهِ، كَيفَ وَقد صرح بِخِلَافِهِ وارتكاب خلاف الظَّاهِر لِئَلَّا يكون الْكَلَام فَاسِدا مَحْضا لَيْسَ ببدع فِي الْأَمر: فَالْأولى أَن يحمل تغليط المُصَنّف فِيمَا سبق على من ظن جزئية الْإِبَاحَة وَالنَّدْب من الْوُجُوب من غير ذَلِك الْقَائِل، وَيَبْنِي كَون الْأَمر حَقِيقَة قَاصِرَة عَلَيْهِ