تيسير التحرير (صفحة 351)

وَقَوله لَا يخفى إِلَى هُنَا على إِرَادَة تَحْقِيق على كَلَام الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ.

مسئلة

(الصِّيغَة أَي الْمَادَّة) لم يقل ابْتِدَاء الْمَادَّة: لِأَن الْمَذْكُور فِي كَلَام الْقَوْم لفظ الصِّيغَة، فَأَرَادَ تَفْسِيرهَا (بِاعْتِبَار الْهَيْئَة الْخَاصَّة) مَوْضُوعَة (لمُطلق الطّلب، لَا بِقَيْد مرّة) أَي لَيست لطلب الْفِعْل مَعَ قيد هُوَ إِيقَاعه مرّة وَاحِدَة (وَلَا تكْرَار) وَلَيْسَت لَهُ مَعَ كَونه يُوقع مكررا (وَلَا يحْتَملهُ) أَي التّكْرَار أَيْضا بِأَن يُرَاد بهَا لعدم دلالتها عَلَيْهِ، وَفِيه إِن أُرِيد عدم دلالتها بِمُوجب أهل الْوَضع فَمُسلم لَكِن الْخصم لَا يَدعِيهِ، وَلَا حَاجَة إِلَى ذكره بعد بَيَان مَا وضعت لَهُ، وَإِن أُرِيد عدمهَا بمعاونة الْقَرِينَة، فَغير مُسلم (وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد الْحَنَفِيَّة) والآمدي وَابْن الْحَاجِب وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ والبيضاوي، وَقَالَ السُّبْكِيّ وَأرَاهُ رَأْي أَكثر أَصْحَابنَا، (و) قَالَ (كثير) مِنْهُم أَنَّهَا (للمرة) وَعَزاهُ أَبُو إِسْحَق الاسفرايني إِلَى أَكثر الشَّافِعِيَّة، وَقَالَ أَنه مُقْتَضى كَلَام الشَّافِعِي رَحمَه الله، وَأَنه الصَّحِيح الْأَشْبَه بمذاهب الْعلمَاء (وَقيل للتكرار أبدا) أَي مُدَّة الْعُمر مَعَ الْإِمْكَان كَمَا ذكره أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَغَيره ليخرج أزمنة ضروريات الْإِنْسَان، وعَلى هَذَا جمَاعَة من الْفُقَهَاء والمتكلمين: مِنْهُم أَبُو إِسْحَق الاسفرايني (وَقيل) الْأَمر (الْمُعَلق) على شَرط أَو صفة للتكرار لَا الْمُطلق، وَهُوَ معزو إِلَى بعض الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة (وَقيل) الْأَمر الْمُطلق للمرة (ويحتمله) أَي التّكْرَار، وَهُوَ معزو إِلَى الشَّافِعِي رَحمَه الله (وَقيل بِالْوَقْفِ) إِمَّا على أَن مَعْنَاهُ (لَا نَدْرِي) أَو وضع للمرة أَو للتكرار أَو للمطلق (أَو) على أَن مَعْنَاهُ (لَا يدْرِي مُرَاده) أَي مُرَاد الْمُتَكَلّم بِهِ (للاشتراك) بَينهمَا، وَهُوَ قَول القَاضِي أبي بكر وَجَمَاعَة، وَاخْتَارَهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ (لنا) على الْمُخْتَار وَهُوَ الأول (إطباق الْعَرَبيَّة على أَن هَيْئَة الْأَمر لَا دلَالَة لَهَا إِلَّا على الطّلب فِي خُصُوص زمَان وخصوص الْمَطْلُوب) من قيام وقعود وَغَيرهمَا، إِنَّمَا هُوَ (من الْمَادَّة وَلَا دلَالَة لَهَا) إِلَّا (على غير مُجَرّد الْفِعْل) أَي الْمصدر (فَلَزِمَ) من مَجْمُوع الْهَيْئَة والمادة (أَن تَمام مَدْلُول الصِّيغَة طلب الْفِعْل فَقَط والبراءة) أَي الْخُرُوج عَن عُهْدَة الْأَمر تحصل (بِمرَّة) أَي بِفعل الْمَأْمُور بِهِ مرّة وَاحِدَة (لوُجُوده) أَي لتحَقّق مَا هُوَ الْمَطْلُوب بإدخاله فِي الْوُجُود مرّة (فَانْدفع دَلِيل الْمرة) وَهُوَ أَن الِامْتِثَال يحصل بِمرَّة فَيكون لَهَا، وَذَلِكَ لِأَن حُصُوله بهَا لَا يستدعى اعْتِبَارهَا جُزْءا من مَدْلُول الْأَمر، لِأَن هَذَا حَاصِل على تَقْدِير الْإِطْلَاق، لِأَنَّهُ لَا يُوجد الْمَأْمُور بِهِ بِدُونِ الْمرة، وَالزِّيَادَة عَلَيْهَا غير مَطْلُوبَة بِهِ (وَاسْتدلَّ) للمختار أَيْضا (مدلولها) أَي الصِّيغَة (طلب حَقِيقَة الْفِعْل فَقَط والمرة والتكرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015