تيسير التحرير (صفحة 1057)

وَهَذَا تنَاقض فِي جَانب الحكم (فِي الْمَعِيَّة) على تَقْدِير اجْتِمَاع العلتين بِحَسب الزَّمَان فِي التَّأْثِير (وَتَحْصِيل الْحَاصِل فِي) صُورَة (التَّرْتِيب) وَعدم اجْتِمَاعهمَا فِي الزَّمَان، فَإِن الحكم يتَحَقَّق على هَذَا التَّقْدِير بِالْأولَى، وتحققه بِالثَّانِيَةِ تَحْصِيل الْحَاصِل (وَالْجَوَاب) منع لُزُوم التَّنَاقُض الَّذِي هُوَ اجْتِمَاع النقيضين فِي الْوُجُود بِحَسب نفس الْأَمر و (الِاسْتِقْلَال) الَّذِي يلْزم على تَقْدِير تعدد الْعلَّة إِنَّمَا هُوَ (كَونهَا) أَي الْعلَّة (بِحَيْثُ إِذا انْفَرَدت ثَبت) الحكم (بهَا: أَي عِنْدهَا) لِأَن الْعِلَل الشَّرْعِيَّة لَا تَأْثِير لَهَا فِي وجود الْمَعْلُول فِي الْحَقِيقَة، وَمعنى عليتها مَا ذكر (و) هَذِه (الْحَيْثِيَّة) الْمعبر عَنْهَا بالكون الْمَذْكُور ثَابِتَة (لَهَا فِي) صُورَة (الْمَعِيَّة و) فِي صُورَة (التَّرْتِيب) ونقيض هَذِه الْحَيْثِيَّة، وَهُوَ كَونهَا بِحَيْثُ إِذا انْفَرَدت لَا يثبت بهَا الحكم غير ثَابِتَة فَلَا تنَاقض، فقد عرفت أَن الِاسْتِقْلَال بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (لَا بِمَعْنى إفادتها) أَي الْعِلَل (الْوُجُود) أَي وجود الْمَعْلُول فِي الْخَارِج (كالعقلية) أَي كإفادة الْعِلَل الْعَقْلِيَّة للوجود (عِنْد الْقَائِل بِهِ) أَي بِمَا ذكر من إفادتها الْوُجُود، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن الْوُجُود عِنْد أهل الْحق لَا يفِيدهُ إِلَّا الْفَاعِل الْمُخْتَار جلّ ذكره (فَانْتفى الْكل) أَي جَمِيع مَا ذكر من التَّنَاقُض وَتَحْصِيل الْحَاصِل على التَّفْصِيل الَّذِي عَرفته (قَالُوا) أَي المانعون تعدد الْعلَّة (أَيْضا أَجمعُوا) أَي الْأَئِمَّة (على التَّرْجِيح فِي عِلّة الرِّبَا) أَهِي (الْقدر وَالْجِنْس أَو الطّعْم أَو الأقتيات، وَهُوَ) أَي التَّرْجِيح (فرع صِحَة اسْتِقْلَال كل) من الْأُمُور الْمَذْكُورَة، إِذْ لَو لم يَصح اسْتِقْلَال كل وَاحِد مِنْهَا بالعلية لَا معنى لترجيحه، بل يجب حِينَئِذٍ أَن يضم إِلَيْهِ أَمر آخر وَيجْعَل الْمَجْمُوع عِلّة (و) أَيْضا فرع (لُزُوم انْتِفَاء التَّعَدُّد) إِذْ لَو جَازَ التَّعَدُّد لقالوا بِهِ وَلم يتعلقوا بالترجيح لتعيين وَاحِد نفي مَا سواهُ (وَالْجَوَاب أَنه) أَي التَّرْجِيح الْمجمع عَلَيْهِ (للْإِجْمَاع على أَنَّهَا) أَي الْعلَّة (هُنَا) أَي فِي الرِّبَا (إِحْدَاهَا) أَي إِحْدَى الْعِلَل الْمَذْكُورَة فَقَط (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْإِجْمَاع على هَذَا الْوَجْه (جعلوها) أَي الْعلَّة (الْكل) أَي الْمَجْمُوع، لِأَن الْمَفْرُوض أَنهم يُرِيدُونَ صَلَاحِية كل للعلية، وَلَا دَلِيل على إِلْغَاء وَاحِد مِنْهَا فَوَجَبَ اعْتِبَارهَا، وَذَلِكَ بالْقَوْل بالجزئية، سِيمَا عِنْد عدم ظُهُور وَجه التَّرْجِيح. لَا يُقَال إِذا كَانَ الْمُخْتَار عنْدكُمْ جَوَاز تعدد الْعلَّة فاجعلوا كل وَاحِدَة مِنْهَا عِلّة مُسْتَقلَّة. لأَنا نقُول: مرادنا من التَّعَدُّد مَا ذكر من كَون كل وَاحِدَة بِحَيْثُ إِذا انْفَرَدت ثَبت بهَا لاجتماعها فِي إِفَادَة الحكم بِأَن يكون كل وَاحِدَة مُسْتَقلَّة فِي الإفادة فَإِنَّهُ محَال. قَالَ (القَاضِي) فِيمَا ذهب إِلَيْهِ من جَوَاز التَّعَدُّد فِي المنصوصة دون المستنبطة (إِذا نَص على اسْتِقْلَال كل) أَي كل وَاحِد (من مُتَعَدد) بالعلية (فِي مَحل و) الْحَال أَنه (لَا مَانع مِنْهُ) إِذْ لَا مَانع من أَن يعين الله سُبْحَانَهُ للْحكم أمارتين (ارْتَفع احْتِمَال التَّرْكِيب) أَي كَون الْعلَّة مَجْمُوع ذَلِك المتعدد (و) كَون كل وَاحِد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015