تيسير التحرير (صفحة 1056)

كَمَا نَقله التَّفْتَازَانِيّ عَن الْآمِدِيّ (والمخالف يمنعهُ) أَي يمْنَع كَون الحكم وَاحِد بالشخص (فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة) يَعْنِي الْحَدث المتعدد علته كالبول والرعاف والمذى (وَالظَّاهِر بعده) أَي بعد مثل هَذَا التدقيق الفلسفي (من الشَّرْع) فَإِن قلت لزم فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة اجْتِمَاع الْعِلَل على الحكم الْوَاحِد بالشخص شرعا فَمَا معنى بعده قلت هَذَا حكم اقتضته العمومات وَالْكَلَام إِنَّمَا هُوَ فِي اعْتِبَار الْوحدَة الشخصية فِي مَحل النزاع، وَهُوَ أَن الحكم الْوَاحِد هَل يكون لَهُ علل أم لَا وَالْحَاصِل أَن الْبعد فِي اعْتِبَار الْعِلَل للْحكم الشخصي ابْتِدَاء لَا فِي لُزُومهَا للشخصي بعد اعْتِبَارهَا عُمُوما (وشخصية مُتَعَلّقه) أَي الحكم كَمَا عز مثلا فَإِنَّهُ شخص معِين ثَبت حكم الزِّنَا فِي حَقه ابْتِدَاء (لَا توجبه) أَي لَا توجب تشخص الحكم، لِأَن ثُبُوته فِي ذَلِك الشَّخْص لَيْسَ بِاعْتِبَار خصوصيته (بل) من حَيْثُ أَنه فَرد من أَفْرَاد مَحل الْعلَّة كَالزِّنَا، وَإِلَّا لاختص حكم الزِّنَا بِمَا عز، بل يُوجب تشخص الحكم (مَا) أَي دَلِيل يَقْتَضِيهِ (كَشَهَادَة خُزَيْمَة) أَي كتشخص حكم شَهَادَته، وَهُوَ الِاكْتِفَاء بهَا وَحدهَا لدليله، وَهُوَ كَونه مُنْفَردا بَين الصَّحَابَة، يفهم أَن جَوَاز الشَّهَادَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمُجَرَّد إخْبَاره من غَيره حُضُور فِي تِلْكَ الْبيعَة، وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْفِرَاده فِي الِاكْتِفَاء إِكْرَاما لَهُ (وَلَا يَتَعَدَّد فِي مثله) أَي فِي مثل مَا ذكر من شَهَادَة خُزَيْمَة (علل) لِأَن عِلّة الحكم فِيهِ أَمر شخصي لَا تعدد فِيهِ أصلا (وَأما الِاسْتِدْلَال) بِأَنَّهُ (لَو امْتنع) تعدد الْعلَّة (امْتنع تعدد الْأَدِلَّة فقد منعت الْمُلَازمَة) أَي لَا نسلم أَن امْتنَاع تعدد الْعلَّة يسْتَلْزم امْتنَاع الْأَدِلَّة منعا مُسْتَندا (بِأَن الْأَدِلَّة الباعثة) وَهُوَ الْعِلَل (أخص) من الْأَدِلَّة الْمُطلقَة، وَلَا يلْزم من امْتنَاع الْأَخَص امْتنَاع الْأَعَمّ. (المانعون) تعدد الْعلَّة قَالُوا (لَو تعدّدت) الْعِلَل (لزم التَّنَاقُض، وَهُوَ) أَي التَّنَاقُض (الِاسْتِقْلَال) بالعلية (وَعَدَمه) أَي عدم الِاسْتِقْلَال بهَا (للثبوت) أَي لثُبُوت الحكم (بِكُل) من ذَلِك المتعدد (بِلَا حَاجَة إِلَى غَيره وَهُوَ) أَي ثُبُوت الحكم بِهِ من غير حَاجَة إِلَى الْغَيْر (الِاسْتِقْلَال وَعَدَمه) أَي عدم الثُّبُوت (لاستقلال غَيره بِهِ) تَعْلِيل لعدم استقلاله، لَكِن على وَجه يلْزم مِنْهُ عدم مدخليته فِي الحكم بِالْكُلِّيَّةِ فضلا عَن الِاسْتِقْلَال بِهِ، وَهَذَا تنَاقض فِي جَانب الْعلَّة (واستغناء الْمحل) أَي مَحل الحكم (فِي ثُبُوت الحكم لَهُ عَن كل) من الْعِلَل (بِالْآخرِ) أَي بِالْعِلَّةِ الْأُخْرَى لاستقلاله فِي حُصُول الحكم للمحل، والتذكير بِاعْتِبَار كَونه وَصفا (وَعَدَمه) أَي عدم اسْتغْنَاء الْمحل فِي ثُبُوت الحكم لَهُ عَن كل ضَرُورَة احْتِيَاج الْمَعْلُول إِلَى علته التَّامَّة، وَهَذَا تنَاقض فِي جَانب الْمحل (مُطلقًا) مُتَعَلق بِكُل من الِاسْتِقْلَال والاستغناء وَعَدَمه (والثبوت بهما) أَي العلتين لكَون كل مِنْهُمَا عِلّة تَامَّة والثبوت (لَا بهما) بِاعْتِبَار أَن كلا مِنْهُمَا اسْتغنى عَنهُ بِاعْتِبَار مُلَاحظَة الْأُخْرَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015