تيسير التحرير (صفحة 1055)

وَسَنَد، وَإِطْلَاق الْمُعَارضَة على سَبِيل الِاسْتِعَارَة تَشْبِيها لَهَا بالمعارضة الْحَقِيقِيَّة بِاعْتِبَار دلَالَة السَّنَد على خلاف مَا يدل عَلَيْهِ دَلِيل الْمُسْتَدلّ فَكَأَنَّهُ أَقَامَ الدَّلِيل على خلاف مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْخصم وَيلْزمهُ قَوْله: فَإِن منع على الْمُعَارضَة فِي الْمُقدمَة فَإِن قلت للخصم أَن يَقُول مرادي الْمَنْع لِئَلَّا يرد عَلَيْهِ الْمَنْع قلت لَا يَنْفَعهُ، لِأَن سَنَده مسَاوٍ للْمَنْع فإبطاله إِثْبَات للمقدمة الممنوعة فتتم حجَّة الْمُسْتَدلّ الأول فَافْهَم (وَالْمَطْلُوب وَهُوَ الْمُعَارضَة الْمَذْكُورَة) عدم التَّعَدُّد فِي ذَات الْمُضَاف بالإضافات (ثَابت دونه) أَي بِدُونِ السَّنَد الْمَذْكُور، فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى كَونه سندا أخص، فَإِن إبِْطَال السَّنَد الْأَخَص غير موجه فِي الإضافات بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مُسَاوِيا للْمَنْع فَإِنَّهُ موجه لاستلزام إِبْطَاله بطلَان الْمَنْع فَتثبت الْمُقدمَة الممنوعة (للْقطع بِأَن تعدد الْإِضَافَة لَا يُوجِبهُ) أَي التَّعَدُّد (فِي ذَاته) أَي الْمُضَاف (وَثُبُوت ارْتِفَاع بَعْضهَا) أَي بعض المسببات (دون بعض فِي صُورَة) دون أُخْرَى كارتفاع الْقَتْل بِسَبَب الرِّدَّة مثلا مَعَ بَقَاء الْقَتْل بِسَبَب الْقَتْل (إِنَّمَا يَكْفِي دَلِيلا على التَّعَدُّد) أَي تعدد الْمُضَاف (فِيهَا) أَي فِي صُورَة ارْتَفع فِيهَا الْبَعْض دون الْبَعْض (لَا فِي غَيرهَا) أَي لَا يَكْفِي دَلِيلا على التَّعَدُّد فِي صُورَة أُخْرَى غير تِلْكَ الصُّورَة (كَمَا فِي الْقَتْل) تَمْثِيل للصورة الأولى (لِأَن أَحدهمَا) أَي أحد المسببين وَهُوَ الْقَتْل بِسَبَب الرِّدَّة (حق الله تَعَالَى، وَالْآخر) وَهُوَ الْقَتْل بِسَبَب الْقَتْل (حق العَبْد) وَلَا وَجه لارْتِفَاع حق العَبْد بِسَبَب ارْتِفَاع حق الله تَعَالَى (وَمَا) روى (عَن أبي حنيفَة) من أَنه إِذا (حلف لَا يتَوَضَّأ من الرعاف فَبَال، ثمَّ رعف ثمَّ تَوَضَّأ حنث لَا يشكل مَعَ قَوْله باتحاد الحكم) جَوَاب سُؤال، وَهُوَ أَن أَبَا حنيفَة يَقُول باتحاد الحكم عِنْد تعدد الْأَسْبَاب وَمُقْتَضَاهُ أَن لَا يَحْنَث فِي الْحلف الْمَذْكُور لِأَن الْحَدث الْحَاصِل بالرعاف عين الْحَاصِل بالبول، فَالظَّاهِر أَنه يُقَال فِي حَقه أَنه تَوَضَّأ من الْبَوْل لسبقه بِالِاسْتِحْقَاقِ للإضافة أَو تَوَضَّأ عَنْهُمَا جَمِيعًا لاشْتِرَاكهمَا فِي السبقية، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يصدق عَلَيْهِ أَنه تَوَضَّأ من الرعاف، فَأجَاب بِأَن الْحِنْث إِنَّمَا هُوَ (للْعُرْف فِي مثله) فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ عرفا (تَوَضَّأ من الرعاف) إِذا توَسط الرعاف بَين الْوضُوء وَالسَّبَب الآخر (وَغَيره) من أَسبَاب الْحَدث: أَي يُقَال عرفا تَوَضَّأ من الْبَوْل مثلا إِذا توَسط بَين الْوضُوء وَالسَّبَب الآخر، والأيمان مَبْنِيَّة على الْعرف فَإِن قلت لَا نسلم كَون الْعرف مَا ذكرت، بل الظَّاهِر أَن الْأَمر بِالْعَكْسِ قلت: قد اشْتهر فِيمَا بَين النَّاس أَن الْحَدث فِي مثل هَذِه الصُّورَة مُضَاف إِلَى السَّبَب الآخر. هَذَا وَلم يظْهر لي كَون الثَّانِي سَببا للْحَدَث، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحدث بِالسَّبَبِ إِذا كَانَ الْمحل مَوْصُوفا بِالطَّهَارَةِ، وَلَا شكّ أَنه لَيْسَ بموصوف بهَا فِي تحقق الثَّانِي، فِي الشَّرْح العضدي اتَّفقُوا على أَنَّهَا إِذا ترتبت حصل الحكم بِالْأولَى، وَأما إِذا اجْتمعت مَعًا دفْعَة كمن مس ولمس وبال مَعًا فقد اخْتلفُوا، وَالْمُخْتَار أَن كل وَاحِد عِلّة مُسْتَقلَّة (قيل وَالْخلاف فِي الْوَاحِد بالشخص)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015