(دون الْعلَّة فِي مَحل وَلم يُوجد الحكم، وَيُسمى) نقض الْحِكْمَة (كسرا) لما يحصل بِهِ من نوع انكسار فِي علية الْعلَّة، إِذْ الحكم إِنَّمَا شرع عِنْدهَا لحُصُول تِلْكَ الْحِكْمَة وَلَو لم تُوجد بِدُونِ تِلْكَ الْعلَّة لَكَانَ أَدخل فِي عليتها (باصطلاح) لطائفة من الْأُصُولِيِّينَ (فَشرط عَدمه) أَي عدم نقض الْحِكْمَة عِنْد بعض (لصِحَّة الْعلَّة. وَالْمُخْتَار نَفْيه) أَي نفي اشْتِرَاط عدم نقض الْحِكْمَة (فَلَو قَالَ) قَائِل (لَا تصح علية السّفر) لرخصه الْقصر والإفطار (لانتقاض حكمتها الْمَشَقَّة) عطف بَيَان لحكمتها (بصنعة شاقة فِي الْحَضَر) لوُجُود الْمَشَقَّة الَّتِي هِيَ الْحِكْمَة مَعَ عدم السّفر وَالْحكم. وَالْفَاء فِي قَوْله فَلَو قَالَ لَيْسَ للتفريع على عدم الِاشْتِرَاط، بل لتفصيل بعض مَا يتَعَلَّق بالْمقَام، يدل عَلَيْهِ الْجَواب وَمَا بعده (لم يقبل) قَوْله جَوَاب للشرطية (لِأَنَّهَا) أَي الْمَشَقَّة بالصنعة الشاقة (غَيرهَا) أَي غير الْمَشَقَّة الَّتِي هِيَ حِكْمَة علية السّفر، وَهِي مشقة السّفر، فَعدم وجود الحكم مَعهَا لَا يسْتَلْزم انْتِقَاض الْحِكْمَة الْمُعْتَبرَة بِالسَّفرِ (وَكَونهَا) أَي كَون الْمَشَقَّة مَعَ قطع النّظر عَمَّا أضيفت إِلَيْهِ (الْمَقْصُودَة) من اعْتِبَار الْعلية وَشرع الحكم (فَيبْطل ببطلانها مَا لم يعْتَبر إِلَّا لَهَا) أَي فَيبْطل الَّذِي لم يعْتَبر شرعا إِلَّا لَهَا بِمَعْنى علية الْعلَّة بِسَبَب بُطْلَانهَا بالانتقاض بِمَشَقَّة الصَّنْعَة الشاقة، وَقَوله كَونهَا مُبْتَدأ خَبره قَوْله (إِنَّمَا يلْزم) الْكَوْن المتفرع عَلَيْهِ مَا ذكر (لَو اعْتبر) فِي الْعلية (مُطلقهَا) يَعْنِي علية الْعلَّة: أَي الْمَشَقَّة (وَهُوَ) أَي اعْتِبَار مُطلقهَا (مُنْتَفٍ بالصنعة) أَي بِسَبَب عدم رخصَة السّفر بِمَشَقَّة الصَّنْعَة، وَلَو كَانَ الْمُعْتَبر فِي السّفر مُطلق الْمَشَقَّة لرخص بهَا لوُجُود الْمُطلق فِي ضمنهَا، وَحَيْثُ لم يرخص علم عدم اعْتِبَار الْمُطلق (فالحكمة الَّتِي هِيَ الْعلَّة فِي الْحَقِيقَة مشقة السّفر) لَا الْمَشَقَّة الْمُطلقَة حَتَّى يرد النَّقْض بِمَا ذكر، وَالْحكم بالاتحاد بَين الْحِكْمَة وَالْعلَّة بِحَسب الْحَقِيقَة بِاعْتِبَار أَن الْعلَّة عبارَة عَن الْبَاعِث على شرع الحكم، والباعث الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول الْحِكْمَة، وَإِنَّمَا جعلت الْعلَّة عِلّة لاشتمالها على الْحِكْمَة (وَلم يعلم مساواتها المنقوضة) أَي مُسَاوَاة مشقة السّفر للْمَشَقَّة المنقوضة بهَا، وَهِي مشقة الصَّنْعَة، وَإِنَّمَا نفي الْعلم بالمساواة لِئَلَّا يرد أَنه سلمنَا الْمُغَايرَة بَينهمَا لكنهما متساويتان فِي المقصودية والمصلحة فَيجب مساواتهما فِي علية الرُّخْصَة أَيْضا (وَلَو فرض الْعلم برجحان) الْحِكْمَة (المنقوضة) بهَا فِي الْمَعْنى الَّذِي صَارَت الْحِكْمَة بِاعْتِبَارِهِ باعثا لعلية الْعلَّة وَشرع الحكم على المنقوضة (فِي مَوضِع) غير الْموضع الْمَذْكُور فَإِنَّهُ نفي فِيهِ الْعلم بالمساواة فضلا عَن الرجحان أَن يذكر (يلْزم بطلَان الْعلَّة) فِي ذَلِك الْموضع، لِأَنَّهُ لَو كَانَ منشأ اعْتِبَار عليتها اشتمالها على الْحِكْمَة المتضمنة للمعنى الْمَذْكُور لاعتبر عليتها فِي مَحل النَّقْض بِالطَّرِيقِ الأولى، وَيرد عَلَيْهِ أَنه كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر صُورَة مُسَاوَاة المنقوضة بهَا للمنقوضة أَيْضا: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال يعلم حكمهَا ضمنا لاشْتِرَاكهمَا فِيمَا هُوَ