سَبَب الْبطلَان.
وَأَنت خَبِير بِأَن الأولى حِينَئِذٍ ذكر الْمُسَاوَاة ليعلم مِنْهُ الرجحان بِالطَّرِيقِ الأولى، ثمَّ اسْتثْنى من جملَة لمواضع الَّتِي علم فِيهَا رُجْحَان المنقوضة فِيهَا بقوله (إِلَّا أَن شرع) فِي ذَلِك الْموضع (حكم أليق بهَا) أَي بِتِلْكَ الْحِكْمَة (كالقطع بِالْقطعِ) كَقطع الْيَد بِقطع الْيَد (لحكمة الزّجر) عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ (تخلف) الْقطع الَّذِي هُوَ الحكم عَن الْحِكْمَة الَّتِي هِيَ الزّجر (فِي الْقَتْل) الْعمد مَعَ أَن الْحِكْمَة فِيهِ أرجح (لشرع مَا هُوَ أنسب بِهِ) أَي بِالْقَتْلِ الْعمد (وَهُوَ) أَي مَا هُوَ أنسب (الْقَتْل) قصاصا (وَأَنت إِذْ علمت أَن الْحِكْمَة الْمُعْتَبرَة) عِنْد الشَّارِع (ضبطت شرعا) بمظنة خَاصَّة وَهُوَ الْوَصْف الظَّاهِر المنضبط، وَذَلِكَ لعسر ضبط نفس الْحِكْمَة وَتعذر تعْيين قدرهَا (لم تكد تقف على الْجَزْم) أَي تجزم أَلْبَتَّة (بِأَن التَّخَلُّف) أَي تخلف الحكم (عَن مثلهَا) أَي عَن مثل حكمته (أَو) عَن أَمر (أكبر) من حكمته لرجحانه عَلَيْهَا فِي الْمَعْنى الَّذِي صَارَت بِاعْتِبَارِهِ باعثا لشرع الحكم (مِمَّا لم يدْخل تَحت ضابطها) بَيَان لكل وَاحِد من الْمثل والأكبر المتخلف عَنهُ الحكم، وَالْمرَاد بضابط الْحِكْمَة الْوَصْف الظَّاهِر المنضبط الَّذِي أَقَامَهُ الشَّرْع مقَامهَا لظُهُوره وانضباطه دونهَا لما مر، وَلَو كَانَ ذَلِك التَّخَلُّف (بِلَا مَانع) عَن ترَتّب الحكم عَلَيْهِ لَا ينْقض التَّخَلُّف الْمَذْكُور عليتها: أَي الْحِكْمَة، قَوْله لَا ينْقض خبر أَن فِي قَوْله بِأَن التَّخَلُّف خُصُوصا إِذا (كَانَت) الْحِكْمَة (مومى إِلَيْهَا) فِي الْكتاب أَو السّنة: مثل إِيمَاء قَوْله تَعَالَى فِي رخصَة الْإِفْطَار فِي السّفر - {أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} - بعد قَوْله - {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا معدودات فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} - فَإِنَّهُ يُومِئ إِلَى علية وصف السّفر لرخصة الْإِفْطَار وَقَضَاء الصَّوْم فِي أَيَّام أخر (لِأَن الْحِكْمَة الْمُعْتَبرَة شرعا مثلا مشقة السّفر بِخُصُوصِهِ) تَعْلِيل لعدم نقض عليتها وَحَاصِله أَن الشَّرْع لم يعْتَبر إِلَّا علية مشقة السّفر بِخُصُوصِهِ، وَلم يعْتَبر مُطلق الْمَشَقَّة، وَلَا يتَوَجَّه النَّقْض إِلَّا عِنْد تخلف الحكم عَن الْعلَّة الْمُعْتَبرَة شرعا فَقَوله وَأَنت إِذا علمت الخ تَحْقِيق للمقام من المُصَنّف وَقَوله وَلَو فرض الخ كَلَام الْقَوْم (أَلا ترى أَن الْبكارَة عِلّة الِاكْتِفَاء فِي الْإِذْن بِالسُّكُوتِ) فِي النِّكَاح، الظرفان الْأَوَّلَانِ متعلقان بالاكتفاء وَالثَّالِث بِالْإِذْنِ، وَيجوز أَن يتَعَلَّق بالاكتفاء (لحكمة الْحيَاء) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قلت أَن الْبكر تَسْتَحي فتسكت قَالَ سكُوتهَا إِذْنهَا (وَلَو فرض ثيب أوفر حَيَاء من الْبكر (أَو سَبَب اقْتَضَاهُ) مَعْطُوف على ثيب، وَالْمعْنَى وَلَو فرض سَبَب فِي الثّيّب اقْتضى حَيَاء) أوفر من حَيَاء الْبكر (كزنا اشْتهر) فِي ثيب فَتَسْتَأْذِن فِي نِكَاح من اشْتهر بزناها (لم يكتف بسكوتها) أَي بسكوت الثّيّب فِي الصُّورَتَيْنِ (إِجْمَاعًا فَتخلف) حكم الِاكْتِفَاء بِالسُّكُوتِ