وحجهم، وجهادهم، ويرى أعمال الكافرين من: شركهم، وظلمهم، وعدوانهم، وجرائمهم، يرى هؤلاء وهؤلاء.

ومن الصفات التي اشتملت عليها هذه الآيات المتقدمة: صفة المكرِ، والكيدِ، والمكرُ والكيدُ معناهما متقارب، وكذلك المحال {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} يعني: شديد المكر بأعدائه من: الكافرين، والمنافقين، فَمَنْ مَكَرَ اللهُ به فهو المغلوب؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى في الكافرين: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وفي قوم صالح {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}، وقال سبحانه {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا} فالله يكيد الكافرين والمنافقين، ويمكر بهم، وهو خير الماكرين، والعباد يمكرون ويكيدون، وليس المكرُ كالمكرِ، ولا الكيدُ كالكيدِ، ولكنه تعالى يمكر بأعدائه حقيقة، ويكيدهم حقيقة.

والمكرُ والكيدُ: تدبير خفي يتضمن إيصال الضرر من حيث يظن النفع. فالذي يريد أن يمكر يظهر المحبة، ويظهر الإحسان، وهو يتخذ ذلك وسيلة للإيقاع بخصمه وعدوه.

والمكر من الناس منه: المحمود والمذموم، فإذا كان على وجه العدل؛ فهو محمود، وإذا كان على وجه الظلم، والعدوان؛ فهو مذموم، فمن المحمود: المكر مجازاة، أو المكر بالكفار بالتدابير الخفية للإيقاع بهم، هذا كله من أنواع الجهاد في سبيل الله؛ فـ "الحربُ خَدْعَة " (?). لكن المكرَ بالمؤمنين بغيرِ حقٍ؛ ظلمٌ وعدوانٌ.

أما مكر الله، فهو كله محمود، وعدل، وحكمة، هو تعالى يمكر بالكافرين مكرا حقيقيا، ويدبر تدبيرا خفيا، يوصل به العقاب من حيث يُظن الإنعام، وشاهد هذا قوله تعالى {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [(182) سورة الأعراف] الاستدراج هذا هو المكر، وقال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015