وعندي أن مفهوم أهل السنة والجماعة أوسع من مفهوم الفرقة الناجية، فالفرقة الناجية المنصورة، هم أهل السنة والجماعة، لكن في أهل السنة السابقون، والمقتصدون، وفيهم الظالم لنفسه، كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [(32) سورة فاطر] لكن المتمسكون بالإسلام المحض علما وعملا ظاهرا وباطنا، هم الفرقة الناجية المنصورة، التي أخبر بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأخبر أنها لا تزال في قوله: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق" (?) لا تزال هذا يدل على الاستمرار، والمقصود جنس هذه الطائفة، وإلا فهي أجيال تنقرض، ويخلفهم آخرون.
"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة"، وفي لفظ:" حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى".
والساعة هنا فسرت بقبض أرواح المؤمنين في آخر الزمان عند قرب قيام القيامة الكبرى، فإنه تعالى يرسل ريحا فتقبض أرواح المؤمنين، فتخلو الأرض من الخير، ولا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة (?).
فهذه الطائفة مستمرة إلى أن يأتي أمر الله تبارك وتعالى، ويأتي الأجل الذي قدَّره الله لبقاء هذا الدين، وبقاء حملته، فنسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا بمَنِّه وكرمه من هذه الطائفة، وأن يثبتنا على دينه، وأن يرزقنا الاستقامة على الحق، وأن يجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، ونسأله تعالى أن يعصمنا من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا.