لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [(43 - 46) سورة طه] فلما خافا ثبتهما بوعدهما بمعيته لهما، وبأنه يسمع ويرى ما يدور بينهما، وبين فرعون وقومه، وفي هذا وعد ووعيد، ولكن جانب الوعد أظهر؛ لأنه جاء خطابا لموسى وهارون {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} ومن صفاته تعالى الرؤية، فهو سميع بصير.

واسمه البصير ليس اسما مجردا عن المعنى، بل اسم يدل على أنه تعالى ذو بصر نافذ لجميع المخلوقات، والله تعالى ينوع الأدلة على إثبات صفة الرؤية {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} والله تعالى يرى ما يجري بين الرسل، وأعدائهم المكذبين، يرى سبحانه وتعالى العباد في مساجدهم، ومحاريبهم، يراك أيها العبد، فاحذر أن يراك ربك حيث نهاك.

وفي ذكر السمع والرؤية في هذه المواطن تثبيت لقلوب الرسل، وأتباعهم، وتقوية لعزمات العابدين، فإذا استحضر العبد ـ وهو يعبد ربه ـ أن الله يراه، فهذا مقام من مقامات الإحسان:" أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" (?).

ومن الآيات الدالة على الرؤية قوله سبحانه وتعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [(105) سورة التوبة] وفي هذا تهديد للمنافقين بأن ما تعملون سيراه الله، ويراه الرسول، ويراه المؤمنون، وفي آية قبلها {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(94) سورة التوبة] هذه صريحة في المنافقين، فالله يرى أعمال المؤمنين من: صلاتهم، وصدقاتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015