{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [(178) سورة آل عمران] إملاء الله للكافرين هو من مكره بهم، {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} مما يشتهونه، ويفرحون به {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً} أليس هذا مكرا؟

يفتح الله عليهم أبواب المسرات، والنعم، والخيرات، ويصب عليهم ما يشتهون حتى إذا فرحوا بما أوتوا أحل بهم النقمة {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [(44 - 45) سورة الأنعام] إي والله مكر، والآن ما تتمتع به أمم الكفر من الحضارة القائمة، والرقي والتقدم المادي، والسلطان والقوة على سائر أمم الأرض، هذا ـ والله ـ من مكر الله بهذه الأمم الطاغية، فهم يعيشون في مكر من الله، فهذه الفتوح المادية أدت بهم إلى الاغترار، والزهو، والغطرسة، والكبرياء، والتسلط، والظلم .. هل انتفعوا بهذه الحضارة؟

لا والله،، بل ازدادوا بها إثما، "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" (?).

فالواجب على المسلمين ألا يغتروا بما يعيشه الكفار من مظاهر عز، وتقدم، ورقي، وعلوم، ومعارف، وعلى المسلمين أن يسعوا فيما ينفعهم، لكن من غير أن يعجبوا بالكفار، أو يعظموهم، أو يسيروا في ركابهم، أو يقلدوهم في التوافه، وفيما يضر، ولا ينفع.

المقصود أن هذا من مكر الله، ومن مكر الله بالمنافقين أن شرع قبول علانيتهم، فمن أظهر الإيمان، وأبطن الكفر، فقد أمر الله أن نقبل علانيته، ونترك سريرته، فيظن المنافق أن نفاقه قد راج على الله، وأنه بهذا قد خدع الله {يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ} [(9) سورة البقرة].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015