{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} (قد): تفيد التحقيق، سمع كلامها حين مجادلتها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ثم علل سبحانه ذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.
وكذلك يسمع كلام المفترين المجترئين على الله من الكفار، لكنه يحلم عليهم ويمهلهم {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} هذه مقالة لبعض اليهودِ، واليهودُ أهل جرأة على الله وتنقص {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} سمع الله قول هذا الكافر العنيد المجترئ على الله، لما أنزل الله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} قال هذا الخبيث: الله فقير يستقرضنا أموالنا (?). والله يخبرنا بأنه سمع، وليس المراد الإخبار فقط، بل في ضمن هذا الإخبار التهديد.
{لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ} لقد: اللام هي الموطئة للقسم، والمعنى: والله {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} فيه تهديد، كما أن من هذا القبيل ما جاء في قوله تعالى مهددا للمكذبين بالرسل {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} الله يسمع سرهم، ونجواهم، وسيجزيهم على ما يدور في هذا السر والنجوى، فالله يسمع كلام المتآمرين على رسل الله، والمتناجين بالإثم والعدوان، والرسل الملائكة الموكلون بكتابة الأعمال تكتب، إذا هذه الأقوال الخفية التي يستسر بها أهلها، هي مسموعة للرب، ومكتوبة بأيدي الحفظة الكرام الكاتبين، وكذلك من هذه الآيات قوله تعالى {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} هذا خطاب من الله لموسى وهارون لما أرسلهما الله إلى فرعونَ ـ وفرعونُ طاغيةٌ ـ، وهما بشر فخافا، قال الله تعالى {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا