من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه (?).
فأهل السنة يثبتون لله ما أثبته لنفسه بلا تعطيل؛ خلافا للمعطلة، فإن المعطلة غلوا في التنزيه، وزعموا أنهم ينفون الصفات عن الله حذرا من التشبيه، فغلوا في التنزيه، فأفضى بهم ذلك إلى التعطيل، وفروا من تشبيه، فوقعوا في تشبيه أقبح.
وقولنا: "بلا تشبيه " معناه تنزيه الله عن النقائص والعيوب خلافا للمشبهة، ـ أعني: أهل التمثيل ـ الذين غلوا في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه، ولهذا قال بعض أهل العلم (?): "إن المعطل يعبد عدما والمشبه يعبد صنما " لأن نفي جميع الصفات يستلزم نفي الذات.
والمشبه الذي يقول: لله سمع كسمعي، وبصر كبصري، ليس هذا هو الله الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه.
فأهل السنة وسط يثبتون لله الأسماء والصفات، وينزهونه عن كل ما لا يليق به، إثباتا بلا تشبيه، وتنزيها بلا تعطيل، فهذه وسطيتهم، فكانوا بريئين من الإفراط والتفريط، وسائر الانحرافات والضلالات التي وقع فيها من خالفهم.
ثانيا: وأهل السنة وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية.
الجبرية يقولون: لا فعل للعبد؛ بل كل الأفعال أفعال الله، فالعبد لا فعل له، والله هو الفعال لكل شيء.
وعلى مذهبهم الباطل الخبيث يكون الله هو الفاعل لأفعال العبد،