يفرح كما في الحديث الصحيح المتفق على صحته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لله أشد فرحا .. " (?). يفرح حقيقة، لكن لا كفرح العباد، إذا فسرنا فرح العباد بأنه: لذة وسرور بالمحبوب أو نحوه، فهذه صفة المخلوق، فاللذة لا نضيفها لله، لكنه فرح يتضمن المحبة.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -:" لله أشد فرحا بتوبة عبده". هذا يتضمن أن الله يحب توبة التائبين، بل يفرح بتوبة التائبين، فالفرح إذا صفة يجب إثباتها له تعالى، وأنها لا تماثل فرح المخلوق، ولا نعلم كنهها، وكيفيتها.
وهكذا الضحك، وقد جاء في أحاديث عدة، ومنها هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخلان الجنة، فقالوا كيف يا رسول الله؟ قال: يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد ثم يتوب الله على القاتل، فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد " (?). فالله يضحك إليهما؛ لأن أمرهما عجب، يجتمعان في الجنة، القاتل والمقتول، وضحكه إليهما يتضمن رضاه عنهما، ولا أقول: إن هذا تفسير للضحك، لا، بل هو تعالى يضحك كيف شاء، وهو معنى يختلف عن معنى الفرح، فيجب إثبات ذلك كله، مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية.
وإذا كان العلم بالكيفية مستحيلا، فلا يجوز التفكر فيه، كالتفكر في كيفية نزول الرب، أو فرحه، أو ضحكه؛ لأنه لا سبيل إلى أن تعلمها، فلا تفكر ولا تتخيل، بل آمِنْ وأثبت ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ربه مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية.
وأما الحديث الرابع: فهو حديث قال عنه الشيخ: إنه حديث حسن، رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديث طويل، والشيخ اقتصر على الشاهد، كما اقتصر على الشاهد في الحديث الثاني.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -:"عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ، ينظر إليكم