والله قد ذم اليهود لتحريف الكلم عن مواضعه، وهذا منه.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ينزل ربنا، والأصل أن يحمل الكلام على الحقيقة، ويؤكد الحقيقة قوله: فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ .. وهذا يمنع من احتمال المجاز.
هل يجوز أن يقول الملك، أو تقول الرحمة: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟
فأهل السنة مجمعون على أن النزول من فعل الرب تعالى، وأنه هو الذي ينزل حقيقة، لا كنزولنا، ولا يقاس به، ونزول الله تعالى صفة فعلية تكون بمشيئته.
والمعطلة يلبسون على الجهال، ويقولون: هذا يتضمن أن الله يزول عن مكانه.
فهذه من الشبهات التي يشبهون بها على الأغرار، ولهذا قال بعض الأئمة: إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه.
فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء (?).
ما أحسن هذا الرد المفحم: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
ينزل كيف شاء، واستوى على العرش كيف شاء، ويجيء يوم القيامة للفصل بين عباده كيف شاء، فعال لما يريد.
أما إذا قيل: إنه لا ينزل، لا يجيء، لا يتكلم .. فهذا تعجيز وتنَقُّص للرب سبحانه، فالذي يفعل أكمل ممن لا يفعل.
وكذلك القول في الفرح، والضحك، فيجب الإيمان بالفرح والضحك، أن الله يفرح، وفرحه تعالى يتضمن محبته بما يفرح به، ورضاه به، وعنه.