فائدة، فنفي الإحاطة يستلزم إثبات الرؤية، من غير إحاطة.
فكانت الآية التي يستدل بها المعطلة على نفي الرؤية دليلا عليهم لا لهم (?).
ولعل الإمام ابن تيمية تعمد هذا الترتيب وتحراه، وهو أنه ختم هذه النصوص التي أوردها من القرآن على إثبات صفات الرب، مما يحقق للعباد معرفتهم بربهم، فنحن عرفنا ربنا بأسمائه وصفاته، وذلك بما أنزله في كتابه، وبلَّغه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فيحصل للعباد في هذه الحياة العلم بربهم، لكنه علم من غير إحاطة {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [(110) سورة طه]، ففي الدنيا العباد لا يرونه، ويوم القيامة يرونه، فيجتمع لهم العلم الذي في قلوبهم، والرؤية له تعالى بأبصارهم، فكأن الإمام ابن تيمية في إيراد هذه الآيات في هذا الموضع ينبه إلى أن رؤية العباد لربهم غاية لهم، فتتوق نفوسهم إلى النظر إلى وجهه الكريم، بعد أن عرفوه في الدنيا بأسمائه، وصفاته، كما علَّمهم، فإنه تعالى يتمم هذا لأوليائه يوم القيامة، ويكشف الحجاب لهم؛ فينظرون إليه، وذلك غاية نعيمهم، فلا يلتفتون إلى شيء مع نظرهم إليه سبحانه وتعالى (?).
وفي النهاية يقول المؤلف: وهذا باب واسع، يعني: النصوص الدالة على أسماء الرب، وصفاته، وأفعاله، مما يورث العلم بالله، باب واسع، مَن تدبر هذه النصوص؛ تبين له طريق الحق، فتَدَبُر القرآن هو سبيل العلم النافع، وهو الطريق لمعرفته سبحانه وتعالى المعرفة الصحيحة؛ فإن العقول لا تستقل بمعرفته، غاية ما تحصله العقول المعرفة الإجمالية، أما معرفة أسماء الله، وصفاته على التفصيل، فلا سبيل للعقول إلى ذلك، وإنما طريق العلم في ذلك هو ما جاءت به الرسل.