تهذيب اللغه (صفحة 2622)

(خُرُوجًا من الغمى إِذا صك صَكَّة ... بدا والعيون المستكفة تلمح)

يُقَال: استكفت عينه: إِذا نظرت تَحت الْكَفّ. واستكفت الْحَيَّة: إِذا ترحت كالكفة، واستكف بِهِ النَّاس: إِذا عصبوا بِهِ. وَفِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية لأهل مَكَّة: " وَإِن بَيْننَا وَبينهمْ عَيْبَة مكوفة " أَرَادَ بالمكفوفة الَّتِي أشرجت على مَا فِيهَا، وضربها مثلا للصدور أَنَّهَا نقية من الغل والغش فِيمَا كتبُوا من الصُّلْح والهدنة. وَالْعرب تشبه الصُّدُور الَّتِي فِيهَا الْقُلُوب بالعياب الَّتِي تشرج على حر الثِّيَاب وفاخر الْمَتَاع، فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العياب المشرجة على مَا فِيهَا مثلا لقلوب طويت على مَا تعاقدوا. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:

(وكادت عياب الود بيني وَبَيْنكُم ... وَإِن قيل أَبنَاء العمومة تصفر)

فَجعل الصُّدُور عيابا للود. وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: وَإِن بَيْننَا وَبينهمْ عَيْبَة مَكْفُوفَة، مَعْنَاهُ: أَن يكون الشَّرّ مكفوفا كَمَا نكف العيبة إِذا أشرجت على مَا فِيهَا من مَتَاع. كَذَلِك الذحول الَّتِي كَانَت بَينهم قد اصْطَلحُوا على أَن لَا ينشروها، ويتكافون عَنْهُم، كَأَنَّهُمْ قد جعلوها فِي وعَاء وأشرجوا عَلَيْهَا. وَقَالَ اللَّيْث: كَفَفْت فلَانا عَن السوء فَكف يكف كفا، سَوَاء لفظ اللَّازِم والمجاوز. قَالَ: والمكفوف فِي علل الْعرُوض مفاعيل كَانَ أَصله مفاعيلن، فَلَمَّا ذهب النُّون قَالَ الْخَلِيل: هُوَ مكفوف. قَالَ: وكفاف الثَّوْب: نواحيه. ويكف الدخريض: إِذا كف بعد خياطته مرّة. قَالَ: والكفكة: كفك الشَّيْء، أَي: ردك الشَّيْء عَن الشي. قَالَ: وكفكفت دمع الْعين. قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَقد تكفكف، وَأَصله عِنْدِي من وكف يكف. وَهَذَا كَقَوْلِك: لَا تعظيني وتعظعظي. وَقَالُوا: خضخضت الشَّيْء فِي المَاء، وَأَصله من خضت. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: كفكف: إِذا رفق بغريمه أَو رد عَنهُ من يُؤْذِيه. وَقَالَ شمر: يُقَال: نَفَقَة فلَان الكفاف، أَي: لَا فضل عِنْده، إِنَّمَا عِنْده مَا يكف وَجهه عَن النَّاس. وَرُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: " ابدأ بِمن تعول وَلَا تلام على كفاف "، يَقُول: إِذا لم يكن عنْدك فضل لم تلم على أَلا تُعْطِي. وَيُقَال: تكفف واستكف: إِذا أَخذ الشَّيْء بكفه. وَقَالَ الكيت: وَلَا تطعموا فِيهَا يدا مستكفة ... لغيركم لَو يَسْتَطِيع انتشالها)

)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015