وَيُقَال: لَقيته كفة كفة، وكفة لكفة، أَي: مُوَاجهَة.
فك: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَككت الشَّيْء فانفك بِمَنْزِلَة الْكتاب الْمَخْتُوم تفك خَاتمه، كَمَا تفك الحنكين تفصل بَينهمَا. والفكان: ملتقى الشدقين من الْجَانِبَيْنِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفكك أَن يفك الخلخال والرقبة. وَفك يَده فكا: إِذا أَزَال الْمفصل. وَيُقَال: أَصَابَهُ فكك. وَقَالَ رؤبة:
(هاجك من أروى كمنهاض الفكك ... )
وَقَالَ الله عز وجلك {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} [الْبَيِّنَة: 1] . قَالَ الزّجاج: الْمُشْركين فِي مَوضِع خفض نسق على أهل الْكتاب، الْمَعْنى: لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَمن الْمُشْركين. وَقَوله تَعَالَى: {منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} ، أَي: لم يَكُونُوا منفكين من كفرهم، أَي: منتهين عَن كفرهم. وَقَالَ الْأَخْفَش: زائلين عَن كفرهم. وَقَالَ مُجَاهِد: يَقُول: لم يَكُونُوا ليؤمنوا حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم الْحق. وَقَالَ ابْن عَرَفَة الملقب بنفطويه: معنى قَوْله: {منفكين} مفارقين. يَقُول: لم يَكُونُوا مفارقين الدُّنْيَا حَتَّى أَتَتْهُم الْبَيِّنَة الَّتِي أَثْبَتَت لَهُم فِي التَّوْرَاة من صفة مُحَمَّد ونبوته: وتأتيهم لَفظه لفظ الْمُضَارع، وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي، ثمَّ وكد ذَلِك فَقَالَ جلّ وَعز: {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة (4) } [الْبَيِّنَة: 4] ، وَمَعْنَاهُ: أَن فرق أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَانُوا مقرين قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مَبْعُوث، وَكَانُوا مُجْتَمعين على ذَلِك فَلَمَّا بعث تفَرقُوا فرْقَتَيْن كل فرقة تنكره. وَقيل: معنى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة (4) } : أَنه لم يكن بَينهم اخْتِلَاف فِي أمره، فَلَمَّا بعث آمن بِهِ بَعضهم وجحده الْبَاقُونَ وحرفوا وبدلوا مَا فِي كِتَابهمْ من صفته ونبوته. وَقَالَ الْفراء: قد يكون الانفكاك على جِهَة يزَال وَيكون على الانفكاك الَّذِي تعرفه، فَإِذا كَانَ على جِهَة يزَال. قلت: قد انفككت مِنْك، وانفك الشَّيْء من الشَّيْء، فَيكون بِلَا جحد وَلَا فعل. قَالَ ذُو الرمة:
(قَلَائِص لَا تنفك إِلَّا مناخة ... على الْخَسْف أَو نرمي بِهَذَا بَلَدا فقرا)
فَلم يدْخل فِيهِ إِلَّا: إِلَّا وَهُوَ يَنْوِي بِهِ التَّمام وَخلاف يزَال، لِأَنَّك لَا تَقول مَا زلت إِلَّا