فظاهر ودورانُ الأثر مع الشيء وجودًا وعدمًا آيةُ كونِ المدارِ علةً للدائر كما في النظائر
أما المدار المعيّن المعلوم فالاستدلال به جائز في الجملة وهذا المثال الذي ذكره قد تعيَّن مدارُه وإن تنوَّع الإفساد لأن القدر المشترك بين الجميع وهو الإفساد بواحدٍ منها متعين وهذا بخلاف المدار المبهم أو المنكّر فإنه غير متعين
واعلم أنا نرتضي أن الدوران يفيد كونَ المدار علةً للدائر بشرطِ أن لا يُزاحمه مدارٌ آخر فإن دارَ مع أشياءَ لم يجز الحكم بجعل أحد تلك المدارات علةً دون الآخر ولا بأن يُجعل الأعمّ هو العلة دون الأخصّ إلاّ بدليل مفصّل إذ الحكم قد يقترنُ به صفات كثيرة لا تتميز العلة عن غيرِها إلاّ بدليل فلو جاز أن يقتطع الإنسان ما شاء من تلك الصفات ويجعلها علةً ومدارًا لم يَعجِزْ عن ذلك أحدٌ وذلك يوجب وَضْعَ الشرع بالرأي من غير دليل
وأيضًا فإنا نعلم اضطرارًا إذا كان هناك أمورٌ قد دارَ الحكم معها وهي صالحة لإضافته إليها فإنه ليس دعوى أن المدار هذا بأولى من دعوى أن المدار هو الآخر وإذا ادَّعَى مُدَّعٍ أن بعضها صالح للتعليل وبعضها غير صالح فلابدّ من التأثير لما يدَّعى صلاحه حتى يفصل الحاكم بين الخصمين