الاستدلال على بقاء عدمه باستصحاب الحال
والثاني ما لم يُعْلَم أنه كان معدومًا في الأزل فهنا لا يجوزُ التمسُّك بالأصلِ النافي واستصحابُه لأن ما لا يُعْلَم عدمُه يجوز أنه كان موجودًا ويجوز أنه كان معدومًا ولا رُجحان لأحد الطرفين على الآخر وبعضُ الناس قد يتمسَّك بالأصل النافي في نحو هذا والصوابُ الأول إلا إذا استدلَّ على نفيِ اعتقادنا ثبوتَه وكان الغرض يحصل بذلك فهنا يُقال الأصلُ عدم علمنا بوجوده ولم يقم ما يدلُّ على وجوده فيجب استصحاب حال هذا العدم
إذا عرفت استصحابَ الحال فعبارةُ المناظر تختلف في صَوْغه والاستدلال بعدم المُوْجِب بلقبٍ يحصر المدارك ونفيها ويخص الآخر بالاستصحاب ومقصودهما واحد ووجه الاستدلال به أن الشيء متى تحقَّق أنه على حال كان ظنُّ بقائه على تلك الحال راجحًا على ظنِّ زوالها إذا قطَعْنا النظر عن العلمِ بما يوجب البقاء وما يوجب الزوال لا سيما إذا كان أمرًا عدميًّا فإنَّ بقاءَ عدمه لا يفتقر إلى شيء أصلاً أما زوال عدمه بضدٍّ وجوديٍّ فإنه يفتقر إلى إزالة ذلك العدم بإيجاد ذلك الأمر الوجوديّ وإلى بقاء ذلك الأمر الوجودي ومعلومٌ أن ما لا يَفْتَقر تحقُّقُه إلى شيء فإنَّ تحقُّقُه راجح على ما يفتقر تحقُّقُه إلى سببٍ أو سببين