بخلاف العقليَّات فإنه ليس في ثبوتها بغير دليل ضررٌ لأنَّا لسنا مكلَّفين بنفي كلّ ما لا نعلم ثبوتَه من الأمور العقليَّةِ وقد علمتَ بهذا التوجيه أنَّ الخلاف لفظيٌّ

ومما يتَّصل بذلك جوازُ نفي الشيءِ لانتفاء دليلِ ثبوته فزعم من لا يقول بالاستصحاب أن هذا ليس بدليل لأن مبناه على عدم العلم

وذهبَ كثيرٌ من المتكلِّمين أن ما لم يقم عليه دليلٌ من الأمور الدينية يجبُ نفيُه لأنَّ التكليفَ بدون الدليل مُحال فَعَدَمُ دليلِ ثبوتِه دليلُ عدمِ ثبوتِه

والذي عليه الفقهاء وعامة المحقِّقين أن الأحكام الشرعية مثل الإيجاب أو التحريم يجبُ نفيها لانتفاء دليل ثبوتها لما ذكرناه من طريقتي الاستصحاب وامتناع ثبوت الحكم بدون دليل

وأما الأمور الحقيقيّّة مثل صفات الباري ونحو ذلك فلا يجوز نفي شيءٍ منها لعدم ما يدلُّ على ثبوته لجواز أن يكون ثابتًا من غير دليل يدلنا على ثبوته ولا يمتنع ذلك إذا لم نكن مكلَّفين باعتقاد ثبوته أو نفيه وليس الأصلُ عدمَه حتى يُتَمَسَّك فيه بالأصل النافي إذ ما وجبَ قِدَمُه امتنع عَدَمُه ولأن التمسُّك بالاستصحاب في الاعتقادات ليس بجائز

ومما يتعلَّق بالاستصحاب أن الأمور على قسمين

أحدهما ما علمنا أنه كان معدومًا في الأزل فهنا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015