وهذه الأحكام المستصحبة من دليل العقل تُسَمَّى أحكامًا عقلية وتُسَمَّى أحكامًا شرعية أيضًا لأن الشرع قَرَّر ما عُلِم بالعقل فيها
وقد يُسْتَدل على نفي الواجبات أو المحرمات بطريق آخر بأن يُقال الوجوب أو التحريم حُكْم شرعيٌّ ثبوتي والأحكام الشرعية الثبوتية لا تثبت إلا بدليل شرعي وليس على ذلك دليل شرعي لأن الأدلة الشرعية منحصرة في الكتاب والسنة والإجماع والقياس وتوابع ذلك وكلُّها منتفٍ في هذه المسألة
وهذه أيضًا طريقةٌ صحيحة لكن مدارُ الأمرِ في هاتين الطريقتين على إمكان نفي الناقل المُغَيِّر أو الموجِب والمحرِّم فإن قطَعَ بعدمِهِ كما يقطع بعدمِ ما يوجبُ شهرًا ثانيًَا وما يوجب صلاةً سادسة تساوي الخمس وما يوجب أكثر من الزكاة المفروضة أو حجّ بيتٍ أخر قَطَعْنا بعدمِ الوجوب وإن كان مَدْرَك النفي ظنِّيًّا كان الظنُّ بحسب مَدْركه
ويُبْنَى على هاتين الطريقتين أنَّ النافي للحكم هل عليه دليل أم لا والمسألةُ لفظية والمشهورُ أنَّ عليه دليلاً كالمثْبِت لأنه يمكنه التمسُّك باستصحاب الحال أو بعدم الأدلة الموجبة
وقيل ليس عليه بناءً على أنَّ الأصلَ عدمُ يُثبته والأصل النَّافي ليس بدليل
وقيل عليه الدليل في العقليَّات دون الشرعيَّات لأن الشرعيَّات لا يجوزُ ثبوتها إلا بدليل لأن إثباتها من غير دليل تكليفٌ لما لا يُطاق