وأما أهلُ الظاهر فيقدِّمون الاستصحابَ على القياس ومَفْزَعُهم في عامَّة ما ينفونه من الأحكام الاستصحابُ كما أن مَفْزَع كثيرٍ من القياسيِّين الطرْدِيَّات والشُّبُهات
القسم الرابع استصحابُ حالِ دليلِ العقل وهو ضربان
أحدهما من اعتقد أن الأعيان قبل الشرع على الإباحة أو التحريم فقد اختلفوا في استصحاب حكمِ هذا الدليل بعد الشرع وأكثرهم يستصحبونه وكذلك من اعتقدَ وجوبَ أشياءَ بالعقلِ فإنهم يستصحبون إيجابَها حتى يدلَّ الشرعُ على عدمِ ذلك ولا يكاد يتأتَّى عندهم
الضرب الثاني استصحابُ حال دليل العقل في براءة الذمم من التكاليف التي لا يدل عليها مجرَّد العقل إما لكونه لا يستقلُّ بالإيجاب كما هو قولُ جماهير أهل السنة أو لأنه قصَّر عن دَرْك إيجابها كما هو قول طوائف من الناس وهذا كالاستدلال على نَفْي وجوبِ الوتر والأضحية ونحو ذلك فهذا حُجَّة عند جماهير الفقهاء حتى حكاه غيرُ واحدٍ إجماعًا من العلماء
وذهبَ بعضُ الحنفية وبعضُ المتكلِّمين إلى أنه ليس بحجة وقالوا هو تمسُّكٌ بالجهل وقال بعضهم هو حجة فيما بين العبد وبين الله ولا يصلح الاحتجاجُ به في المناظرات والذي عليه الناسُ القولُ الأوَّل