وذهبَ طوائف منهم إلى قبوله ولعلَّ هذا هو الغالب على الأوَّلين من الأئمة إن كان القولُ الأوَّل محكيًّا عن جماهير الفقهاء وذلك أنَّ الحكم إذا ثبتَ في محلٍّ فالأصلُ بقاؤه على ما كان عليه سواءٌ فُرِض تناول الدليلِ له أو عدم تناوله لأن بقاءه لا يستدعي إلا مجرَّد البقاء أما زواله فيستدعي زوالَ الحال الأولى وحدوث الحال التي تضادّها وبقاء الحال الثانية وما يتوقَّف على ثلاث مقدِّمات يكون مرجوحًا بالنسبة إلى ما يتوقَّف على مقدّمة واحد ولأن ظنّ التغيُّر سيُعارَض بظنِّ التقرُّر فيبقى ما يقتضي استصحاب الحال الأولى سالمًا

نعم زعم بعضُ الناس أنَّ هذا تمسُّكٌ بالإجماع وهذا غلط وكذلك من اعتقد أن التمسُّكَ بالاستصحاب هو تمسُّكٌ بالدليل الدالِّ على ثبوت الحال الأولى فهو غالط إذ لو علمنا دلالة الدليل على الحال الثانية لتناوبت الحال الأولى في الثبوت وحينئذٍ يُسْتَغنى عن الاستصحاب

ولا خلاف بين الفقهاء المعتبرين أنه آخر الأدلة بحيث لا يجوز العملُ به إلاَّ بعد الفَحْص التَّامِّ عن الدليلِ الناقِل المُغَيِّر ثم قوَّتُه وضعفُه بحسب قوَّة الاعتقاد بعدم الناقلِ وضعفِه فإن فُرِض القطعُ بعدمِ الناقل وجبَ القطعُ بمضمون الاستصحاب

وعند الفقهاء المعتبرين أن القياسَ الصحيحَ مُقَدَّمٌ على استصحاب الحال وكذلك الظواهرُ كلُّها من العموم والأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015