مثال ذلك اختلافهم في أن علة الرِّبا هي التماثل أو الطَّعْم فلو قال قائل المجموع هو العلة كما هو قول ابن المسيب وقول الشافعي ورواية عن أحمد لم يكن مُحالاً ولو فرضنا أنه قام دليل على صحة التعليل بكل واحد من تلك العلل لم يكن الأخذُ بذلك مخالفًا للإجماع فمن أنعم النظر على صِحَّة قول أكثر الفقهاء في أنه يجوز أن يُؤْخذ بقول هولاء في مسألة وبقول هولاء في مسألة فإنَّ العصمة مضمونة للأمة فيما اتَّفقوا عليه وهم اتفقوا في كلِّ صورة على قولين والمخالفُ لا يخرج عن ذَيْنِك القولين ولم يتفقوا على انحصار المأْخّذ في كذا أو كذا أو على التسوية بين الصورتين وفي الجملة المسألة في محلِّ النظر وللكلام فيها مجالٌ رَحْب
وحُجَّةُ من يحتجّ بهذا الإجماع المركَّب فيقول الإجماعُ منعقد على انتفاء المجموع وهو الجواز في الموضِعَيْن لأن القائل قائلان قائل بالجواز هناك دون الجواز هناك وقائل بعكس ذلك فيهما فالجواز في الموضعين أو عدمه فيهما منتفٍ بالإجماع
والاعتراضُ عليه أن يقال لا نُسَلِّم أن الإجماع منعقد على انتفاءِ المجموع لأن الإجماع اتفاق أهل الحلِّ والعقد على حكم حادثة وهم لم يتفقوا على امتناع اجتماع هذين ولا على لازمهما وليس ذلك من لوازم اجتماعهم وإنما هو اتفاق عارض لإجماعهم كما لو كان أحدُهم بالشام والآخر بالحجاز ونحو ذلك من الأوصاف