يقول هو اتفاق الطائفتين طائفة المستدلِّ وطائفة المعترض على أمر من الأمور لكن بعلتين مختلفتين كالمثال الذي ضربه فإن أبا حنيفةَ ومن وافقَه كرواية عن أحمد يقول الموجب للإجبار هو الصغر فتُجْبَر الثيِّب الصغيرة ولا تُجْبَر البكر البالغة والحجازيون يقولون الموجب للإجبار هو البكارة فتُجْبَر البكر البالغة ولا تُجْبَر الثيِّب الصغيرة فالقائل قائلان قائل بالجواز هنا دون الجواز هناك وقائل بالعكس
وهذه المسألة التي فَرَضها إجماعًا بين الخصمين فقط فهي تصلح للجدل الإلزامي وهو غير الجدل العلمي لأن من العلماء من يقول كلٌّ من الصغر والبكارة موجِبٌ للإجبار فتُجْبَر البكر البالغة للبكارة والثيِّب الصغيرة للصغر كرواية معروفة عن أحمد
ومنهم من يقول الموجب للإجبار مجموعُ الوصفين فلا تُجبر إلا البكر الصغيرة خاصة فأما الثيِّب أو البكر البالغة فلا تُجْبَر وهذه رواية رابعة منصوصة عن أحمد
وفي الجملة فهذا من أجود الإجماعات المركَّبة وهو حجة عند كثير من الفقهاء وفي الحقيقة ليس بإجماع لأنه لو نظر ناظرٌ فرأى صحةَ العِلَّتين حتى قال بالجواز فيهما أو صحَّة مجموع العِلَّتين حتى قال بالنفي فيهما لم يكن هذا محالاً