قلنا الحديث إنما يدلُّ على الاقتداء بهم حال عدم التعارض لأنَّه شبَّههم بالنجوم والنجمُ إذا دلَّ على جهةِ القصد عُمِل بدلالته إلا أن تُعارضه دلالةُ نجمٍ آخر وتَرْكُ الدليل لمعارضٍ لا يمنع كونه دليلاً كأخبار الآحاد والأَقْيِسَة والعمومات وأسماء الحقائق والأمر والنهي

وما هذا إلا بمثابة رَكْبٍ معهم هادٍ خِرَّيْت يُعَرِّفهم الطريق فإنهم يتَّبعونه إلا أن يخالفه هادٍ آخرُ خِرِّيت من جنسه فيحتاجون حينئذٍ إلى ترجيحٍ لقول أحدهما على الآخر فإنَّ هدايتَهم إلى طريقِ الحقِّ كهداية الأدلاَّءِ على طُرُق الدنيا فمقصود الحديث أنَّ كُلاًّ منهم هادٍ بطريقِ الحقِّ بصيرٌ به فمن اقتدى به اهتدى وليس من شرط الهادي الخِرِّيت أن لا يُخطئ قط فإنَّ لكلِّ عالمٍ عثرة وزلََّة ولكن ذلك لا يمنع الاقتداء به في غير ذلك فإذا لم يعارِضْه معارضٌ من جنسه سَلِمَتْ دلالتُه عن المعارضة فوجبَ اتِّباعُها ولو كان وجود قولِه كعدمِه في وجوبِ اتِّباعه وكونه دليلاً على الحكم لم يكن مجردُ الاقتداءِ به اهتداءً

وحَمْلُ ذلك على الرواية فاسد لأنه لا فَرْقَ بين الصحابة وبين غيرهم من العدول في قبول الخبر ولأن الاقتداء بالشخص اتخاذُه إمامًا وقدوةً وليس ذلك فيما يرويه عن غيرِه وإلا لكان أكابرُ الصحابةِ مقتدين بأصاغرهم إذا قبلوا أخبارَهم ولَكَان الحُكَّام مقتدين بالشُّهود إذا قبلوا شهادَاتهم ولأنه شَبَّهها بالنجوم والنجومُ أدلةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015