الحديث
الثالث لو فرَضْنا أنَّ لهذا الحديث أصلاً أو قد قاله بعضُ المعتبرين فيجبُ أن يُحمل على أنه لا يُخطئ ما وجب عليه اتباعُه بمعنى أنه إذا ظنَّ ظنًّا بعد البحثِ التَّامِّ فقد كُلِّف العمَل به فهو لم يخطئ في طَلَبِ ما كُلِّف به وإن كان قد يخطئ الحكم الذي أُمِر بطلبه وعلى هذا التقدير فلا حجَّةَ فيه لأن كلَّ مجتهد مصيب في اجتهاده وإن أخطأ الحكمَ الذي هو حكمُ اللهِ في نفس الأمر الذي أُمِر بطلبه حتى إنهم مع اختلافهم لا يكونون مخطئين بهذا الاعتبار مع أنهم لا يكون قولُهم حجةً ولا يجوز التمسُّك به
ويجوز أن يُراد به ظنُّ المؤمن حالَ تحقُّقِه بالإيمان وغلبِةِ ذكرِ الله على قلبه بحيث يكون يسمعُ بالحق ويرى بالحق فيكون ظنُّه في هذا الحال مصيبًا لأن ما يُقْذَفُ في قلبه في هذه الحال إنما هو إلهامٌ من الله سبحانه لكن لا يجوز التمسُّك بقوله لأنه لا يعلم أنَّ الظنَّ الذي ظنَّه حَصَل في حال كمال ذكره الله وغَلَبة الإيمان على قلبه
ويجوزُ أن يرادَ به ظنُّ المؤمن فيما يتفرَّسُ فيه من أحوال الناس ونحوها فيكون من قوله قد كان في الأُمَم قَبْلَكم مُحَدَّثون فإن يكن في أُمَّتي أحدٌ فهو عُمَر وتلك ليست أحكامًا شرعية