واعلم أن في المسألة أدلَّة كثيرة وهي تحتمل بَسْطًا عظيمًا ليس هذا موضَعه

فإن قيل بعضُ ما ذكرتُم من الأدلة يقتضي أن التَّابعيَّ إذا قال قولاً ولم يخالفه صحابيُّ ولا تابعيٌّ فإنه يكون صوابًا يجبُ اتباعُه

قلنا هذا لا يكاد ينضبط فإن التابعين كثيرون والمسائل في أيَّامهم كانت منتشرة فلا يكاد يغلب على الظن عدم المخالف له فإن فُرِضَ ذلك فقد اخْتُلِف فيه فمنهم من يقول يجبُ اتِّباعُه والأكثرون يفرِّقون بينه وبين الصحابيِّ

ولو خالف قولُه القياس فقد قيل يُحْمَل ذلك على أنه قاله توقيفًا ويكون بمنزلةِ المرسل الذي عَمِلَ به مُرْسِلُه وقيل لا يكون كذلك وليس هذا موضعَ بسطِ ذلك

وفيما ذكرناه جوابٌ عما احتجَّ به أولئك إلا قولهم بعيد بخلاف التابعي إذا أدرك عصر الصحابة فإنَّ ذلك غير مسلَّم على القول بأن قولَ الصحابيِّ حجة ومن سَلَّم ذلك فلعلَّه يقول قولُ الصحابي حجة إذا لم يُخَالَف في عصره لا من صحابيٍّ ولا من تابعيٍّ وبعضُ الأدلة يدلُّ على هذا القول بخصوصِه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015