والدليل عليه قوله ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر 32] وحقيقة الاصطفاء افتعال من التصفية فيكون قد صفَّاهم من الأكدار والخطأ من الأكدار فيكن مُصَفَّيْنَ منه ولا ينتقض هذا بما إذا اختلفوا لأن الحقّ لم يَعْدُهم فلا يكون قول بعضِهم كدرًا لأن مخالفة الكدر وبيانه يزيل كونه كدرًا بخلاف ما إذا قال بعضُهم قولاً ولم يخالف فيه فإنه لو كان قولاً باطلاً ولم يردّه راد فلا معنى للكدر إلا هذا وهذا لأنَّ خلاف بعضهم لبعض بمنزلِة معاتبة النبيَّ صلى الله عليه وسلم في بعضِ أموره فإنها لا تخرجه عن حقيقةِ الاصطفاء فإذا لم ينه لم يكن كدرًا

الوجه السادس أن الله شهد لهم بأنهم أُوتوا العلم بقوله وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ [سبأ 6] وقوله حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا [محمد 16] وقوله يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة 11] واللام في العلم ليست للاستغراق وإنما هي والله أعلم للعهد أي العلم الذي بعثَ اللهُ به نبيَّه وإذا كانوا قد أوتوا العلم الديني كان اتباعهم واجبًا لأن المقصود إنما هو معرفة علم الدين

وقد قال تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015