فإذا كان غالبُ الناسِ لا تُؤْثِر طباعُهم سلامة قليل المال عن سدِّ خلات المحاويج لم يصح أن يكون عدمُ إيجاب الزكاة مطلوبًا ولو فُرِضَ أن غالبَ الطباع تأبى ذلك وبعضُ الطِّباعِ تحبُّ إعطاء المحاويج كانت رِعايةُ هذا الجانب أولى لأن القليلَ إذا كان أفضل وأشرف كان ترجيحُه على كثيرٍ منقوصٍ هو الواجب ولهذا عشرةُ شُجْعان يقهرون مائة جبان

الوجه السادس عشر قوله الإيجاب إضرار بالعبد

قلنا إيجابُ ما لم يوجبه الشارع لا يجوز والشارع أعلم بما ينفع الخلقَ وما يضرهم وهو أرْحَم بهم من الوالدة بولدها فما أوجبه لم يوجِبْه إضرارًا بهم أمَّا ما لم يوجِبْه فقد يكون إيجابه إضرارًا بهم وحينئذٍ فلا يمكن الاستدلال على نفي الإيجاب بنفي الإضرار إلا إذا عُلِم أنَّ الشارعَ لم يوجبه ولو عُلِم أنه لم يوجِبْه لاستُغْنِي عن الاستدلال على نفي إيجابه

أو نقول العلمُ بكونه إضرارًا موقوف على العلم بعدم إيجابه فلو كان علمنا بعدمِ إيجابه مستفادًا مِن العلم بكونه إضرارًا لزم الدَّوْر

الوجه السابع عشر لو سلَّمنا أن الإيجاب أو التحريم إضرار لكن هو واقع فإن الإيجاب والتحريم واقعان فيكون هذا الإضرار واقعًا وإذا كان واقعًا لم يصحَّ الاستدلالُ على عدم وقوعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015