تراه إذا ما جئتَه متهلِّلاً كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ نائلُه ولو لم يكن في كفِّه غير روحِه لجاد بها فَلْيتق الله َ سائلُه
وهذه من طباع الأسخياء والأجواد غير منكورة ولا مدفوعة وإنهم يتلذَّذون بالعطاء ويرون سلامة المال عنه مصيبة وبلاء
فإن قيل هولاء مغمورون بالنسبة إلى الجمهور والاعتبار عند التعارض بالأكثر
قلنا الناس ثلاثة أصناف
أحدهم إذا رأى المحاويج من الفقراء والغارمين وغيرهم كان حِفْظُ قليل ماله أحبَّ إليه من سدِّ خَلاَّتهم وهولاء الأشحِّاء وهم قليل
والثاني من يُؤْثِرُ سدَّ خَلَّةِ المحتاج على قليل ماله طبعًا وخُلُقًا بحيث يرى أنه إذا ملك عشرة آلاف درهم فَسَدَّ خَلة ناسٍ من المحاويج بربع عُشْرها فهو أحب إلى طبعه من سلامةِ هذا المال ومعلومٌ أن هذا هو الغالب على الطباع
الصنف الثالث من يكون طبعُه يُحب سدَّ الخَلاَّت وإعطاء السُّؤَّال ولو بضرر نفسِه وهذا طبع الأجواد وهذا قليل كالأول