بفواتها إذا أُدِّيت الزكاة من تحصين المال وتزكية النفس وغفران الذنب ورحمة الله في الدنيا وعظيم ثوابه في الآخرة إلى غير ذلك من المطالب العظيمة والمقاصد الجسيمة ما ينغمر في جانبه فوات قليل المال وحينئذٍ فلا يكون الإيجاب إضرارًا بل نفعًا أيَّ نفع وهذا معلوم بالضرورة
الوجه الرابع عشر أن تَرْك الإيجاب يفوِّت هذه المطالب أيضًا لأنه بتقدير عدم الإيجاب لا يحصل له شيء من هذه المطالب وحينئذٍ فيكون عدم الإيجاب إضرارًا فيكون منتفيًا وهذه معارضة والترجيح معنا لأن الإيجاب تفويت بعض المطالب ونفي الإيجاب تفويت مطالب أشرف منها وإذا دار الأمرُ بين تفويت مطلوبَيْن كان تفويت أدناهما لتحصيل أعلاهما هو الواجب وهذا ظاهر
الوجه الخامس عشر لا نُسَلِّم أن سلامة الملك عن الزوال مطلوب مطلقًا
فإن قال إنّا نرى الناسَ يحرصون على جمع المال ويصونونه عن أسباب التَّلَف والزوال
قلنا إنما يصونونه إذا تلف ضائعًا إما بِحَرْق أو غرق ونحو ذلك أما سلامته عن الزوال بالإعطاء للجنس فلا نُسَلِّم أنه مطلوب لهم
فإن قيل هو مطلوبٌ لهم أو لأكثرهم فإنَّ أحدَهم إذا خُيِّر بين أن يعطي أو لا يُعطي كان حفظُ ماله أحبَّ إليه
قلنا هذا مُعارَض بمن إذا خُيِّر بين الإعطاء وعدمه كان الإعطاءُ مطلوبَه ومقصودَه كما قيل