وكذلك من قال عليه طلب الأشبه بالحق وإذا كان كذلك فإن كان معنى الكلام نهيًا لم يجز أن ينهى عما ليس من أفعالنا وإن كان نفيًا فليس من إخبارنا بأن الله إذا حَكَم بحكمٍ لم يكن في ذلك الحكم ضررٌ ولا إضرار أيّ فائدة لأن هذا أمر معلومٌ علمًا ظاهرًا أن الله سبحانه لم يضر عباده بدينه وشرعه
الوجه الرابع لا يجوز أن يُراد به نفي الإيجاب أو التحريم لأن الإيجاب أو التحريم ليس بضرر ولا إضرار إذ لو كان ضررًا أو إضرارًا لكان الله سبحانه إذا أوجب شيئًا أو حرَّمه فقد حكم في دينه بالضرر والإضرار ولكانت الرسل إنما بُعِثت بالضرر والإضرار لأن أكثر الشرائع إنما هي إيجاب أو تحريم ولكان دين الله وشرعه عامته ضررًا للخلق وإضرارًا بهم ولكان تَرْك إنزال القرآن وتَرْك بعث الرسل دفعًا للضرر والإضرار فيكون ذلك أقرب إلى رحمة الخلق ونفعهم ويكون تَرْك الناس كالبهائم يفعلون ما يشتهون أنفع لهم وأصلح وأقرب إلى رحمتهم وتكميلهم واستقامة أمورهم من تقييدهم بقيود الأمر والنهي ولكان الرسول لم يُبْعَث رحمةً للعالمين لأنَّه بُعِث بالضرر والإضرار ولكان الشارع قد أراد العُسْر ولم يُردِ اليُسْر لأنه إنما أتى بالضرر والإضرار ولكان المنزل من القرآن ليس شفاءً ورحمةً للمؤمنين إلى غير ذلك من اللزوم التي يقشعر منها الجلد