وقال وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق 6] وقال تعالى وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا الآية [التوبة 107]
قيل إنما جِيء في هذه المواضع بصيغةِ المفاعلة لأنه فِعْل من أحد الجانبين يقتضي مثلَه من الجانب الآخر فهو يفضي إلى المفاعلة وإن كان المنهي أحد الجانبين وذلك أن الكاتب أو الشهيد إذا فُعِل به ما يضرُّه فإنه يكافيء على ذلك بموجب الطبيعة فصارت مُضارَّة وهكذا كلُّ ما كان من شأنه إمكان المُقابلة والمُجازاة وهذا يبين أنَّ المضارَّةَ أخصُّ من الضرر ونَفْي الأعمِّ يستلزم نفيَ الأخصِّ
إذا تبيَّن هذا فقوله لا ضرر ولا ضرار صيغته بصيغة الخبر ومعناه الأمر لأنه لو كان مقصودُه الإخبار بعدم وقوع الضرر والإضرار للزم أن لا يقع شيء من الضرر والإضرار لأنَّ خبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صِدْق لا يجوز أن يقع شيءٌ منه بخلاف مُخْبره فلما رأينا في الوجود شيئًا كثيرًا من الضرر والإضرار علمنا أن مقصودَه النهي عن الضرر والإضرار فيكون المعنى لا يتضرَّرَنَّ أحدٌ بأحد فحيثما تضرَّر أحدٌ بأحد فعلى من كان ذلك التضرُّرُ من جهته أن يزيله ويرفعه فحيثُما أضرَّ أحدٌ بأحد فعليه أن ينتهي عن ذلك ولا يحلُّ له أن يفعله ابتداءً
وكذلك إن صحَّ قولُه في الإسلام لكان معناه النهي أيضًا