ينبني على مقدمة وهو أن بعضَ الناس يقول الصوابُ في هذا الحديث أن يقال لا ضرر ولا إضرار فالضرر اسم مصدر ضرَّه يضرُّه ضررًا والضرار مصدر ضارَّه يُضارُّه ضرارًا ومضارَّة فنفي النبيُّ صلى الله عليه وسلم الضرر المنفرد من أحد الجانبين والضرار المشترك من الجانبين وتقديره لا يضرَّ أحدُ أحدًا ولا يُضَارَّ أحدٌ لكن في كتب الحديث لا ضرر ولا إضرار
وهذا كما أنه المعروف في الرواية فهو أجود في الدراية وذلك أنَّ ما يحصل لأحد الجارين من المضرة تارًة يكون بقصد الجارِ الآخر وفعله وتارة لا يكون بفعله فما كان بفعله فهو إضرار بالآخر وما لم يكن بفعله فهو ضرر به ففي نفي النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يتضرَّر الإنسانُ أو أن يضر به غيره وهذا لأن الضرر اسم المصدر واسم المصدر لا يختص باللازم ولا بالمعتدِّي بل يدلُّ على الحدث من حيث هو كالكلام فإنه لا يختصُّ بالتكلُّم ولا بالتكليم وكذلك الحركة لا تختصُّ بالتحريك ولا بالتحرُّك فالضرر اسم لما يقع بالمتضرِّر لا يختصُّ بالضرر الذي هو متعدٍّ ولا بالتضرُّر الذي هو لازم ويجوز أن يكون اسمًا للشيء المضارّ ويجوز أن يكون مصدرًا ل ضرِرْتُ أضَرُّ ضَرَرًا مثل عَرِج يَعْرجُ عَرَجًا وعَمِي يَعْمَى عمى وصمَّ يَصَمّ صَمَمًا فيكون على هذا مصدرًا للازم
ومن ذلك قوله لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النساء 95] فإنه ليس إشارة إلى ضُرِّ الغير لهم ويدلُّ على أن هذا