لا يغلِّب على الظن صحةَ الحديث بعدما عُرِفَ من تساهل هذا الضرب في الأحاديث وقلة اعتنائهم بها لا سيما إذا لم يوجد له أصل في الدواوين المعنيَّة بهذا الشأن وعند الرجال الذين هم فرسان هذا العلم فيكون مَثَلُ دينار عُرِضَ على النجَّارين فقالوا هو صحيح فلما رأتْه الجهابذة قالوا هو مغشوش والقولُ في ذلك قولُهم لأن أهل كلِّ صنعة أعلم بصنعتهم
وكذلك لو رأى بعض الحدَّادين خَرَزةً فقالوا هي جوهرة وقال الجوهريُّ هي زجاجة فالقولُ قولُ الجوهريُّ
ويكفي دليلاً على ذلك أن هذا المصنِّف ذكر في كتابه هذا عدة أحاديث عامتها ليست محفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنَّ في الباب الذي يذكره عدة أحاديث صحاح مشهورة وإذا كان المحفوظ إنما هو قوله لا ضرر ولا إضرار بطلَ الاستدلال الذي ذكره لأنه إنما يتمّ بأن يُقال لا ضرر ولا إضرار في أحكام الإسلام ومعلومٌ أن مجرَّد قوله لا ضرر ولا إضرار لا يدلُّ على هذا المحذوف وحذفُ مالا يدلُّ عليه سياق الكلام غير جائز
بقي أن يُقال اللفظ عام في نفي كلِّ ضرر والإيجاب ضرر فيكون منتفيًا فنقول سنأتي عليه
الوجه الثاني أنه إن كان قوله لا ضرر ولا إضرار في الإسلام محفوظًا فإن معناه يعود إلى معنى قوله لا ضرر ولا إضرار وذلك