كان هذا وحده غير كاف فإن الجدليين مصطلحون على أنه لو عزاه إلى بعض كتب الفقه لم يُقْبَل إلا أن يكون صاحب الكتاب عالمًا بصحيح الحديث وضعيفه ففي قبوله حينئذٍ خلافٌ بينهم ولو عزاه إلى كتاب حديث لبعض الفقهاء كان بمنزلة عزوه إلى كتاب حديث وأولى فأما حديث ليس له زِمام ولا خِطام فلا يجوز الاستدلال به في الأحكام باتفاق أهل العلم من الجدليين وغيرهم

فإن قال هذا قد رواه بعضُ أصحاب الخلاف أو بعض الفقهاء وذلك كافٍ

قيل له هولاء المتأخِّرون من الخلافيين ونحوهم من المتفقِّهَة أقلُّ الناسِ علمًا بالحديث وأبعدهم عن ضبطه ومعرفته ولعلّ أحدهم أو أكثرهم لا يعرفون مظانَّ طلب الأحاديث ولا حملها ونقلها ولا يميزون بين أجناسها وأنواعها وأدنى دليلٍ على ذلك ما في كتبهم من الأحاديث التي أجمع أهلُ الحديث على أنه ليس لها أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم تارةً يجعلون الفتوى حديثًا وتارة تكون الكلمة محفوظة عن بعض الفقهاء أو بعض السلف فيجعلونها مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يخلطون بالحديث زيادات ليست منه وذلك لأنهم لم يتلقوا الأحاديث ممن ضبطَها وأحكمها وإنما غايةُ المبرِّز منهم أن يجده في بعض كتب الفقه ولا يَعْرف من أين نقله ذلك المصنِّف ومجرَّد ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015