وعقابه بحيث يكون ضرر الفعل أكثر من الضرر الحاصل من ذمِّ الفاعل وعقابه حَسُن النهيُ عنه على سبيل التحريم دفعًا لأعظم الضررين بالتزام أصغرهما
وإن كان ضرر الفعل شيئًا يسيرًا بحيث يكون الذم والعقاب على فعله أعظم من ضرر فعله لو خلا عن الذم والعقاب حَسُنَ أن يُنْهى عنه بيانًا لما فيه من الفساد ولم يحسن أن يحرَّم لأن معنى تحريمه الإخبار بأنه سبب لذمِّ فاعله ولعقوبته ومعلومٌ أن ذمَّ فاعله وعقوبته ربما كانت أضعاف ضرر فعله فكيف يوقع أعظمَ الضررين لدفع أخَفِّهما
نعم يكون فعل ما نُهي عنه على وجه التنزيه سبب الانتقاص إما بانحطاط درجته أو بِقِلَّة أجره وثوابه أو ببقاء الأيام التي عليه كما قد يكون تَرْك كثيرٍ من المسنونات من هذا القبيل فَعُلِم بذلك أنَّ النهي يدلُّ على اشتمال الفعل المنهيِّ عنه على مفسدة راجحة لكنَّ مجرَّدَ اشتماله على المفسدة لا يكون موجبًا لحرمته إلا أن تكون مفسدةُ فعلِه أعظم من المفسدة الحاصلة بفاعله من الذمِّ والعقاب بتقدير التحريم
وبهذا يحصل الجواب عن قولهم الشارع حكيم فلا يجوز أن يبيح ما فيه مفسدة لأن المفاسد يجب السعي في إعدامها وإذا لم يتَّجه فقد حُرِمنا تعلُّم أن اشتماله على المفسدة موجبٌ للتحريم
فيقال ما فيه مفسدة لابُدَّ أن ينهى الشرع عنه ويعرف بما فيه وحينئذٍ فلا يكون مباحًا متساوي الطرفين لأنه لابد أن يحرِّمه على