جماهيرُ أهل السنة وهو أصل القدرية الذين أسَّسوا عليه مذهبَهم
لكن يمكن أن يقال نحن نعلم باضطرار أن الشرائع لم تشتمل على قبيح ونعلمُ أنَّ النهي عن فعل الصالحات غير واقع في الشرائع وغير جائز على الله شرعًا وغير جائز عليه عقلاً بمعنى أن العقل يعلم أنَّ فعل المنهيِّ عنه قبيح وأنه لو لم يكن قبيحًا إما بالنهي أو قبل النهي لكان النهي عن شيء لا يكون قبيحًا بحال غير جائز على الله وإن كان كلام المصنِّف لا يبيِّن هذه المعاني
واعلم أن هذا الدليل ليس بمرضي لأن حاصله أنه لابد أن يكون في الفعل المنهيِّ عنه جلب مضرَّة أو دفع مفسدة أو لابدَّ أن يكون ذلك في اعتقاد عدم قبح المنهيِّ عنه أو العزم على فعله وهذا مُسَلَّم لكن لِمَ قلتَ إن هذه المفسدة توجبُ العزيمة وذلك أنه من المعلوم أن النهي قسمان نهي تحريم ونهي تنزيه وأنَّ كلا القسمين المنهي عنهما لابدَّ أن يكون مفسدته راجحة على مصلحته فلو كان اشتماله على المفسدة الراجحة موجبًا للتحريم لامتنع نهي التنزيه وذلك لأن المفاسد تختلف فمنها ما فيه ضرر عظيم في أمر الدين أو ضرر عظيم في أمر الدنيا ومنها ما فيه مضرَّة يسيرة خفيفة إما في الدين أو في الدنيا والتحريم يقتضي استحقاق الفاعل الذمَّ والعقابَ فإن كان ضرر الفعل الحاصل عنه ضررًا يقتضي ذم الفاعل