فإذا نهى الله سبحانه العبدَ عن شيءٍ ففي معصية هذا النهي إما بفعل المنهي عنه أو باعتقاد عدمِ التحريم والعزم على فعل المنهي عنه فسادٌ للمكلف

أما الفعل المنهيُّ عنه من حيث هو هو فلا يجب أن يشتمل على مفسدة فإنَّ النهيَ قد يكون ابتلاءً وامتحانًا للمكلَّف كما نهى الله أصحابَ طالوت عن أن يشربوا من النهر زيادةً على غرفة وإن كانوا لو شربوا بدون النهي لم يكن فيه فساد وهذا مذهب الفقهاء وأهلِ السنة

وأما القدريَّة فعندهم لابدَّ أن يكون الفعل في نفسه مشتملاً على مفسدة لكن يُعْلَم تارةً بالعقل وتارةً بالسمع فالشرائع عندهم موضِّحات للأحكام لا موجبات

وأما الجبريَّة فعندهم لا يجوز أن يكون الفعل مشتملاً على صفةٍ مقتضية للحكم فالشرائعُ عندهم موجباتٌ لا موضحات

ومذهبُ أهل السنة من الفقهاء وغيرهم أن كلا القسمين واقع وأن الشرائع تارةً توضِّح ما في الأفعال من الصفات وتارة تجعل الأفعال صفاتٍ لم تكن قبل ذلك

ومن ذلك قوله وإلاَّ لَقَبُح النهي عنه فإنَّ هذا في ظاهره مبنيٌّ على قول من يقول القُبْح العقلي في أفعال الله وهو خلاف ما عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015