استحباب الانتهاء معلومٌ بنفس النهي فلابدَّ أن يفيد هذا الخطاب فائدةً زائدةً على جميع أنواع الاستحباب وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم إذا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فاجْتَنِبُوْه وإذا أَمَرْتُكُم بأَمْرٍ فأُتُوا منه ما اسْتَطَعْتُم متفق عليه يدلُّ على ذلك
وأيضًا فإن الله سبحانه نهى آدم وزوجَه حوَّاء عن الأكل من الشجرة فلما خالفا لحقهما من العقاب ما قد ذكره اللهُ في كتابه
وأيضًا فكل ما دلَّ على وجوب الطاعة أو تحريم المعصية فهو دليل على وجوب الانتهاء وتحريم المخالفة في النهي والأدلة على هذا مستوفاة في غير هذا الموضع لكن قد احتجَّ المصنِّف بثلاثة وجوه
أحدُها قوله وإلا لما صحَّ إطلاق اسم المعصية على ارتكاب المنهي عنه وقد صحَّ بالنقلِ والاستعمال
وتقريرُ ذلك أنه لو لم يكن الفعل محرَّمًا لما كان مرتكبُه عاصيًا لأن العاصي يستحقُ الذَّمَّ والعقابَ كما تقدمَّ فلو لم يكن الفعل محرَّمًا لكان مباحًا لأنه ليس بين الحلال والحرام واسطة ومن فَعَل المباحَ لا يكون مذمومًا ولا معاقَبًا لكن مرتكب المنهيِّ عنه عاصٍ بقوله سبحانه وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) [طه 121] لما ارتكب المنهيِّ عنه بدليل قولِه أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ [الأعراف 22] والأصل عدمُ