وجودي أما عدم العقاب فيكفي فيه الأمرُ العدميُّ في باب المنهيَّات وبهذا يظهر أنَّ كلا القولين له وجهٌ صحيح والخلافُ في الحقيقة آئل إلى اللفظ لكن القول الأوَّل أجود تحقيقًا فإنَّ مقصودَ الناهي كما أنه قد يكون عدم فعل القبيح فقد يكون ابتلاء المكلَّف وامتحانه كما نهى آدم عن أكل الشجرة وهذا إنما يصحُّ على اُصولِ أهل السنة ولهذا كان القولُ الثاني من مذاهب المعتزلة البصريين

قوله مما يقتضي الحُرْمة وإلاَّ لما صحَّ إطلاقُ اسم المعصية على ارتكابِ المنهيِّ عنه وقد صحَّ بالنقل والاستعمال

اعلم أن الذي عليه عامةُ الطوائف أنَّ النهي يقتضي حُرْمة الفعل المنهيِّ عنه حتى إن كثيرًا ممن خالف في الأمر قد وافقَ في النهي وفيه خلافٌ شاذٌ وكل ما دلَّ على أن الأمر يقتضي الوجوب فهو دليلٌ على أنَّ النهيَ يفيد الحُرْمة لأن النهَي عن الشيء أمرٌ بضدِّه ولأن النهيَ في الحقيقة نوعٌ من أنواع الأمر لأن الأمرَ طلبُ الفعل والنهَي طلبُ الفعلِ أيضًا لأنَّ الترك والامتناع نوعٌ من الأفعال وهو أمرٌ وجوديٌّ كما تقدَّم ولهذا كان قول أكثر الفقهاء إنه إذا قال إنْ عَصَيْتِ أمري فأنتِ طالق فنهاها وعصته أنه يحنث

وأيضًا فقد دلَّ على النهي دلائل تخصُّه كقوله سبحانه وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر 7] فإنه يفيد وجوبَ الانتهاء لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015