الدليل الثاني قوله وكذلك قوله تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور 63]
حذَّر الله المخالفين عن أمره أن تصيبَهم فتنة وهي الكفر أو يصيبهم عذاب أليم فلولا أن المخالفة ينعقد معها سبب الفتنة أو العذاب لما حذَّر منها ومعلومٌ أنه لو كان الفعل بعد الأمر على حاله قبل الأمر من جهة عدم الضرر على تركه لم ينعقد بتركه سببُ الكفر أَو العذاب ألا ترى أن صلاة الضحى أو صيام أيام البيض لا يقال لمن تركه احْذَر أن ترتدَّ عن دينك أو يعذِّبْك اللهُ عذابًا أليمًا
وهذه الآية تُصَدِّقُ التي قبلها فإن إبليسَ خالفَ عن أمرَ ربِّه فأصابته الفتنة بأن صارَ كافرًا وآدمُ عصى ربَّه فأُخْرِجَ عن الجنة
الدليل الثالث قوله ولأن التارك عاصٍ بقوله أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) [طه 93] والعاصي يستحقُّ العقابَ لقوله وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ [الجن 23] وكذلك تارك الأمر
وهذا أيضًا دليل جيِّد لأن من تَرَك امتثال الأمر فقد عصاه بقوله أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) [طه 93] وبقوله وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) [الكهف 69] وقوله لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ [التحريم 6] ومن عصى أَمْرَ اللهِ ورسولِه فقد عصى اللهَ ورسولَه وإلا أمكن كلَّ أحدٍ أن