الواردة بعد الحَظْر هل هي أَمْر أو إذْن
المقام الثاني إذا ثبتَ الأمرُ إما صريحًا أو ظاهرًا بلفظةٍ أو بقرينةٍ فهل مقتضاه إيجاب الفعل فالذي عليه جماهير الفقهاء من الطوائف الأربعة وغيرهم أنَّ المجرَّد منه للإيجاب وذهبَ بعضُهم وطوائف من المتكلمين إلى أنه إنما يفيد الندب ومنهم من قال إنما يفيد القَدْرَ المشترك وهو مُطْلق الاستدعاء من غير تعرُّضٍ لتجويز الترك أو المنع من الترك وهذا أقرب من الذي قبله ومنهم من يزعم أنه مشترك بينهما ومنهم من توقَّف في الجميع
والخلافُ هنا أقربُ من الخلافِ في الذي قبله وقد استدلَّ عليه المصنِّف ببعضِ الأدلة المشهورة
منها قوله مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [الأعراف 12]
وجه الدليل أن الله أمر الملائكةَ وإبليسَ معهم بالسجود لآدم ثم لما امتنعَ إبليسُ من السجود ذمَّه اللهُ وعاقبَه على ترك الامتثال ولو لم يُفِد الأمرُ الإيجابَ لما استحقَّ الذَّمَّ والعقابَ على الترك لأنَّا لا نعني بالإيجاب إلا كون التَّرْك سببًا للذَّمِّ والعقاب وكون إبليس مأمورًا مع الملائكة لا خلاف فيه بعد قوله إِذْ أَمَرْتُكَ سواء قيل هو من الملائكة حقيقة أو تبعًا
ودعوى أن الأمَر كانت معه قرينة تُفيد الوجوب يُجاب عنه بأن الأمرَ المحكيَّ في القرآن مطلق وهو قوله فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)