التقدير إن كان منتفيًا لزم المدَّعى فلا يحصل غرضُه على التقديرين
واعلم أنَّ هذا الكلام كما تراه في غاية السماجة وذلك أنَّ مبناه على قبول الدَّعاوَى المحضة واختلاقها فالصانع مَن يُحْسِن اختلاق دعوى يعجز الآخر عن اختلاق دعوى تناقضها
وما أشبه هولاء بما يُحكى أن ماجِنَيْن اجتمعا وتفاخرا في أيهما أَقدر على اختلاق الكذب والأسمار الباطلة والأحدوثات المفتعلة ولم يزالا يتناوبان في الحكايات حتى أتى أحدهما بِبِدْع من الأكاذيب فأعجزَ الآخر عن معارضته
وحَسْبُك بمن يكون فَلْجُه وظهورُه بالاقتدار على الاختلاق والحذق في الافتراء وسبيل هذه الدعاوى أن تُقَابل بالمنع الصحيح من غير معارضة فإنَّ المبْطِل يجوز أن يُقَابَل بالمنع الصحيح من غير معارضة فإنَّ المبْطِل يجوز أن يُقَابَل بباطِل مثل باطله بل بِدَفْع باطِلِه إما لعدم ما يصححه أو لبيان ما يُفْسِده
نعم قد يُعارَض بمثل باطِلِه ليستبين له أن الذي جاء به باطل لمجيئه بالنقيضين فيُقال لمن ادَّعى إرادة الحقيقة أو إرادة صورة النزاع لا نسلِّم جواز إرادة أحدهما أو لا تقدر على دفع هذا المنع إلا ببيان جواز إرادتهما وحينئذٍ فذلك يدلُّ على إرادة صورة النزاع من غير ترديد وكذلك إذا ادَّعى إرادة أحدهما على تقدير غير واقع عنده