حاصل مع أن الشعور بجواز الإرادة وحده غير حاصل
الثالث أن يقال الدوران إنما يفيد العِليَّة إذا لم يزاحم المدار مدارًا آخر وهنا قد زاحمه مدارات أُخر فإنَّ ظن الإرادة قد دار مع كونه معنى اللفظ أي هو الذي ينبغي للمتكلم أن يُعَيِّنه بلفظه ودار مع كونه حقيقة اللفظ ودار مع كونه دلَّ الدليلُ على إرادته ودار مع كونه يجب إرادته ودار مع كون اللفظ دالاً عليه فإنه ما من معنًى من هذه المعاني إلا وُجِدَ الظنُّ معها في صورٍ كثيرة وانتفي في صور كثيرة فلماذا يجب أن يقال المقتضي للظنِّ هو جواز الإرادة دون سائر هذه المعاني ودون غيرها
بل إذا أنصف العاقلُ وجدَ الظنَّ بالإرادة في كلِّ موضع له سبب وموجب غير السبب الذي له في الموضع الآخر من غير أن يخطر بباله أن جواز الإرادة هو السبب وكلُّ سبب من تلك الأسباب يدور الظنُّ معه وجودًا وعدمًا
الرابع أنَّ الظن الحاصل بإرادة معنى كلّ كلمٍة يدورُ مع أسبابٍ خاصةٍ بتلك الكلمة فالظنُّ الحاصل بإرادة الأمر دار مع صيغة افْعَل المجرَّدة أو ما يقوم مقامها وجودًا وعدمًا والظنُّ الحاصل بإرادة كلِّ المُسَمَّيات من الليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والسماء والأرض دارَ مع الصِّيَغ المخصوصة الموضوعة لهذه المعاني على وجهٍ يَطَّرِدُ في كلِّ موارده وينعكس في غير موارده
فإن قيل القَدْر المشترك وهو ظنُّ الإرادة دار مع القدر