عُدِمَ أما مجرَّد وجود الحكم فلا يدلُّ على وجود الدليل المعيَّن أصلاَ
فإن قال أحدُ الأمرين لازم إما سلامة القياس على النقض أو الحكم في الفرع وعلى التقديرين فقد لزِمَ المدَّعَى
قيل له لا يلزم المدَّعَى على واحد من التقديرين أما على الأولى فلأنَّ سلامَتَه من النقض كانت على وجهٍ تعتقدُ أنتَ أنه منتقض فلا ينفع سلامته في نفس الأمر عن بعض النقوض مع إقرارك أنه باطل ومع إقراري أيضًا لأن الخصم لو قال هذا دليلٌ في نفس الأمر وأنا لا أَعْتَقده دليلاً لم يجب قبولُ قولِه لأن أحدَ قوليه ينقضُ الآخر لأن كونه دليلاً يوجبُ الاتِّباع فإن تَرَكَ اتباعَ الدليل إلا لمعارض كان فاسقًا فلا يُقْبَل قولُه هو ثابت في نفس الأمر
وقولُه لا أعتقدُهُ دليلاً ينفي قولَه هو دليل في نفس الأمر لأنه لو كان دليلاً لاعتقده دليلاً لأنَّ الأصلَ في المسألتين الصحة
ثم يقولُ له المعترِض إن سَلِمَ في نفس الأمر عن هذا النقض فهو منقوض بالفرع وكلٌّ منَّا يعتقدُ انتقاضه في نفس الأمر بصورة فقد أجْمَعْنا على أنه ليس بدليل في نفس الأمر وأما الحكم في الفرع فقد علمت أنه ليس بلازم على التقدير الآخر وعلى تقدير لزومِهِ فإن الدليلَ باطل منقوض والمدَّعى هو ثبوتُ الحكم بذلك الدليل فإذا لم يلزم ثُبُوت الحكم بذلك الدليل على كلِّ واحد من التقديرين بطل المدَّعَى
واعلم أن أصل هذا الفساد دعوى التلازم بين مسألتين لا مناسبة