فإنه لا أدَلَّ على عدم اقتضاءِ الشيء من تحقُّق هذا العدم فإنَّ تخلُّف الحكم عنه يُبَيِّن أنَّه ليس فيه ما يقتضي الحكم لوجبَ أن يقتضي الحكم وإلا لزم إهمال الحِكَمِ والمصالح وتعطيل المناسبات الصحيحة وذلك غير جائزٍ على الشارع نعم يجوزُ أنّ عدَم اقتضائه هنا لصادٍّ صدَّه ورادٍّ ردَّه ويجوزُ أن يكون لعدم كونه مقتضيًا فيقف الدليل حتى يَبِيْنَ الحالُ

ولو قال قد قامَ الدليلُ على كونه مقتضيًا بالمناسبة فيجبُ إحالة التخلُّف على المانع لئلاَّ يلزم تعطيل ذلك الدليل في الفرع من غير مانع

قيل هذا الدليلُ الذي ذكرتَه يعارضُ الأصل النافي لوجود المانع والأصل النافي لوجود التعارض ودليلان أرجحُ من دليل

فإن قال المناسبة أقوى من الأصل النافي بدليل ترجُّحِها عليه عند المعارضة فإن الأصلَ عدمُ الحكمِ في صورةٍ ثبتَ الحكمُ فيها بالقياس وقد ترجَّحَ القياسُ على هذا الأصل عند الفقهاءِ القياسيين وإنما يرجِّحُ الأصلَ النافي أهلُ الظاهر وليس الكلامُ في هذه المسائل على هذا الأصل وإنما الكلامُ مع من يعتقدُ صحَّةَ بناءِ الأَحكامِ على القياس على أن هذا القولَ فاسدٌ للأدلَّة المعروفة في موضعها وأدناها أنَّ هذا القائل يرجِّحُ نوعًا ضعيفًا من القياس على سائر أنواعه وذلك أنه يقيس الحكم في الزمان المشتمل على السبب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015